
تجدد منظمة الصحة العالمية في الحادي والثلاثين من أغسطس كل عام تحذيراتها من خلال اليوم العالمي للتوعية بخطورة الجرعة الزائدة والتي تمثل تحديا صحيا عالميا وأحد الأسباب الرئيسية للوفيات التي يمكن تلافيها خصوصا في صفوف الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن.
يكمن الخطر الأساسي للجرعات المفرطة من المواد الأفيونية في تأثيرها المباشر على المراكز الحساسة في الدماغ المسؤولة عن عملية التنفس حيث يمكن أن يؤدي تعاطيها بكميات كبيرة إلى تثبيط هذه الوظيفة الحيوية مما قد يسبب توقف التنفس والوفاة السريعة إذا لم يتم تقديم الإسعافات الطبية العاجلة للشخص المصاب.
وقد أوضحت بيانات صحية أن سوء استخدام المواد الأفيونية التي توصف طبيا كمسكنات قوية للألم مثل المورفين والفنتانيل والترامادول أو استعمالها لفترات طويلة يمكن أن يفضي بالعديد من الحالات إلى الإدمان وما يتبعه من مخاطر صحية جسيمة تهدد حياة الإنسان.
هناك عدة عوامل ترفع من احتمالية التعرض لجرعة زائدة مميتة منها تعاطي المواد الأفيونية دون أي إشراف طبي متخصص أو استهلاك جرعات تتخطى الحدود العلاجية المسموح بها بالإضافة إلى خطورة الحقن كوسيلة للتعاطي كما أن العودة لاستخدامها بعد فترة من التوقف تزيد الخطر لأن الجسم يفقد قدرته على تحملها.
وتتضاعف هذه المخاطر عند تزامن تعاطي الأفيونيات مع الإصابة بأمراض مزمنة أخرى أو عند خلطها مع أدوية أو مواد أخرى تساهم بدورها في تثبيط الجهاز التنفسي مما يجعل الأثر مضاعفا وخطيرا للغاية.
يمكن التعرف على حالة الجرعة المفرطة من خلال مجموعة من الأعراض الواضحة أبرزها ضيق شديد في حدقة العين حتى تصبح بحجم رأس الدبوس بالإضافة إلى فقدان الوعي أو صعوبة بالغة في إيقاظ المصاب ويلاحظ أيضا بطء التنفس وضحالته بشكل مقلق مع شحوب وبرودة في الجلد وازرقاق الشفاه والأطراف وقد يصدر عن الشخص أصوات شخير أو غرغرة غير طبيعية.
وعلى الرغم من وجود تدخلات علاجية فعالة لمعالجة إدمان الأفيون من شأنها إنقاذ الأرواح وتقليل خطر الجرعات المفرطة إلا أن الإحصاءات العالمية تظهر أن أقل من عشرة بالمئة فقط من الأشخاص الذين يحتاجون إلى هذا العلاج يتمكنون من الحصول عليه وهو ما يعكس فجوة كبيرة تستدعي توسيع نطاق الخدمات العلاجية وزيادة الوعي المجتمعي.
إن الهدف من إحياء هذا اليوم سنويا لا يقتصر على مجرد التذكير بهذه المخاطر بل هو بمثابة دعوة صريحة للمجتمع الدولي لتكثيف الجهود الطبية والمجتمعية اللازمة لإنقاذ الأرواح والحد من الوفيات المأساوية التي تسببها جرعات الأفيونيات الزائدة.