
على الرغم من جاذبية اسمه إلا أن مرض الوردية يمثل حالة جلدية مزمنة ومزعجة تؤثر بشكل كبير على مظهر الوجه وتسبب إحراجا للمصابين به. تُعرف هذه الحالة بكونها غير قابلة للشفاء التام وتتجلى أبرز أعراضها في احمرار شديد ومستمر بالوجه مع ظهور أوردة دقيقة وواضحة على سطح الجلد.
تظهر أعراض الوردية بشكل أساسي في مناطق مركزية من الوجه مثل الخدين والأنف والجبهة والذقن وتتطور بشكل تدريجي. من العلامات النموذجية للمرض الاحمرار الدائم الذي يبدأ كهبات ساخنة مؤقتة ثم يصبح مستمرا بالإضافة إلى بروز الشعيرات الدموية. يشعر المصابون غالبا بحرقان أو لسعة في الجلد مع إحساس بالحرارة وجفاف وحساسية مفرطة. وفي بعض الحالات تتطور الحالة لتشمل ظهور بثور وعقيدات ملتهبة تشبه حب الشباب. أما في المراحل المتقدمة فقد يحدث سماكة في الجلد خاصة في منطقة الأنف. ولا تقتصر الأعراض على الجلد فقط بل قد تمتد لتصيب العينين مسببة احمرارا وجفافا أو شعورا بوجود جسم غريب بداخلها وفي حالات نادرة ينتشر الاحمرار ليصل إلى الأذنين والرقبة وأعلى الصدر.
لا تزال الأسباب الدقيقة للإصابة بالوردية غير مفهومة بشكل كامل للعلماء والأطباء لكنهم يرجحون أن مجموعة من العوامل المتداخلة تلعب دورا في ظهورها. يأتي الاستعداد الوراثي في مقدمة هذه العوامل بالإضافة إلى امتلاك بشرة فاتحة اللون وحساسة بطبيعتها. كما أن حساسية الأوعية الدموية المفرطة لدى بعض الأشخاص تجعلها تتفاعل بسرعة أكبر مع المهيجات مسببة الاحمرار. ويمكن لاضطرابات حاجز الجلد مثل الجفاف والتهيج أن تزيد من حدة الالتهاب. ولا يمكن إغفال دور الإجهاد النفسي المزمن والتقلبات الهرمونية خاصة تلك التي تحدث خلال فترة انقطاع الطمث كتأثيرات سلبية محتملة على الجلد والأوعية الدموية.
بجانب العوامل المسببة هناك مجموعة واسعة من المحفزات الفردية التي تؤدي إلى تفاقم نوبات الوردية أو تحفيز ظهورها. تشمل هذه المحفزات التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية والحرارة الشديدة أو البرد والرياح. كما أن تناول بعض المشروبات مثل الكحول والقهوة والأطعمة الغنية بالتوابل الحارة يؤدي إلى تفاقم الأعراض. ويمكن لمستحضرات التجميل التي تحتوي على مكونات مهيجة كالكحول والعطور أن تزيد الحالة سوءا. ويلعب الإجهاد العاطفي والمجهود البدني دورا كبيرا في تحفيز نوبات الاحمرار.
على الرغم من عدم وجود علاج شافٍ للوردية إلا أنه يمكن السيطرة على أعراضها بشكل فعال من خلال خطة علاجية مناسبة تهدف إلى تخفيف الالتهاب وتقليل الاحمرار ودعم حاجز الجلد لمنع تفاقم الحالة. ويجب أن يتم تصميم العلاج بشكل فردي ليتناسب مع شدة الحالة والأعراض السائدة لدى كل مريض.
تتدرج الخيارات الطبية حسب شدة المرض ففي الحالات الخفيفة قد تكون الكريمات أو مستحضرات الجل الموضعية التي تحتوي على مواد فعالة مثل ميترونيدازول أو حمض الأزيليك أو إيفرمكتين كافية لتقليل الالتهاب والاحمرار. أما في الحالات الأكثر شدة فقد يصف الطبيب أقراص المضادات الحيوية بجرعات منخفضة مثل الدوكسيسيكلين لفترة محدودة. وفي الحالات الشديدة جدا أو التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية يتم اللجوء إلى علاجات الليزر أو التدخلات الجراحية للتعامل مع الأوعية الدموية الظاهرة أو سماكة الجلد.
تعد العناية اليومية بالبشرة وتجنب المحفزات جزءا لا يتجزأ من إدارة مرض الوردية. يوصى باستخدام منظفات ومنتجات عناية لطيفة وخالية من الكحول والعطور لتهدئة البشرة وتجنب تهيجها. ومن الضروري تطبيق مرطب يومي يحتوي على عامل حماية من الشمس لا يقل عن 30 حتى في الأيام غير المشمسة. بالنسبة للنساء يُنصح باختيار مستحضرات تجميل خالية من المكونات المهيجة مثل المنثول والكافور ويمكن استخدام مستحضرات إخفاء العيوب ذات الصبغة الخضراء لمعادلة الاحمرار بصريا. كما يجب تجنب بعض الأطعمة التي قد تزيد الحالة سوءا مثل الفواكه الحمضية والأطعمة الغنية بالهيستامين كالجبن القديم والطماطم والشوكولاتة والنبيذ الأحمر وكذلك الأطعمة الجاهزة المحتوية على الجلوتامات. يتطلب العلاج صبرا حيث أن التحسن الملحوظ قد يستغرق عدة أسابيع ليظهر.