
كشفت نتائج دراسة علمية ضخمة تعد الأكبر في مجالها عن وجود فوائد صحية هائلة لأدوية إنقاص الوزن تتجاوز مجرد تخفيف الكيلوغرامات حيث تبين أنها قد تخفض إلى النصف تقريبا خطر وفاة مرضى القلب المبكرة أو حاجتهم للدخول إلى المستشفيات لتلقي الرعاية الطارئة مما يفتح آفاقا جديدة لعلاج ملايين المرضى حول العالم.
وقد عُرضت هذه المعلومات الهامة خلال فعاليات أكبر مؤتمر عالمي لأمراض القلب والذي أقيم في مدريد حيث أظهر البحث أن فئة من العقاقير تعرف باسم منبهات الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 تقدم حماية كبيرة لمرضى القلب وتقلل بشكل ملحوظ من خطر تعرضهم لأمراض خطيرة أو الوفاة لأي سبب كان.
وتأتي هذه النتائج لتعزز أدلة سابقة ظهرت في شهر مايو الماضي حيث أظهر بحث منفصل أجرته جامعة في لندن أن عقار سيماجلوتيد يقلل من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية أو النوبات القلبية أو الوفاة المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة عشرين بالمئة والأهم من ذلك أن هذه الفائدة تحققت بغض النظر عن الوزن الذي فقده المريض أو وزنه الأولي.
تعمل هذه الفئة من الأدوية عن طريق محاكاة هرمون طبيعي في الجسم يسمى الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 وهو الهرمون المسؤول عن منح الإنسان الشعور بالامتلاء والشبع وقد تم تطويرها في الأساس بهدف معالجة مرضى السكري لكن الأدلة العلمية بدأت تتزايد في السنوات الأخيرة حول قدرتها على إنقاذ حياة المرضى في نطاق واسع من الحالات الصحية الأخرى غير السمنة.
وقد لاقت هذه النتائج ترحيبا واسعا في الأوساط الطبية حيث وصفها خبراء بارزون في طب القلب بأنها أخبار جيدة ومفاجئة للغاية وأشار نائب رئيس الجمعية الأوروبية لأمراض القلب إلى أنه كان يُعتقد سابقا أنه قد لا يتم إيجاد علاج فعال لهذه الشريحة الكبيرة من المرضى لكن المفاجأة كانت في أن هذه الأدوية التي تعمل عبر فقدان الوزن وربما عبر آليات أخرى غير معروفة بعد قادرة على خفض معدلات الوفيات والحاجة لدخول المستشفيات.
استندت الدراسة في تحليلها على بيانات واقعية لأكثر من تسعين ألف مريض يعانون من السمنة والسكري من النوع الثاني بالإضافة إلى قصور القلب وهو ما يمنح النتائج مصداقية كبيرة وقد تولى فريق من الباحثين الأمريكيين في شبكة طبية غير ربحية مقرها بوسطن تحليل هذه البيانات التي شملت مرضى يعانون من النوع الأكثر شيوعا من قصور القلب.
وأظهرت الأرقام الدقيقة للدراسة أن المرضى الذين تناولوا عقار سيماجلوتيد شهدوا انخفاضا بنسبة 42 بالمئة في احتمالية الوفاة لأي سبب أو الحاجة للتنويم في المستشفى مقارنة بمن لم يتناولوا الدواء بينما حقق عقار تيرزيباتيد نتيجة أفضل حيث خفض الخطر ذاته بنسبة وصلت إلى 58 بالمئة.
يعاني أكثر من ستين مليون شخص على مستوى العالم من مشكلة قصور القلب وبينما أشارت دراسات سابقة إلى أن أدوية إنقاص الوزن قد تحسن من أعراض الحالة إلا أن تأثيرها المباشر على النتائج المصيرية مثل الوفاة أو دخول المستشفى لم يكن قد تم تقييمه بشكل دقيق في مجموعات سكانية كبيرة حتى ظهور هذا البحث الذي نُشرت نتائجه بالتزامن مع عرضه في مدريد في إحدى المجلات الطبية الأمريكية المرموقة.
وشدد الخبراء على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث قبل التوصية رسميا بتوزيع هذه الأدوية على مرضى القلب بشكل خاص لتقليل المخاطر الصحية ولكن النتائج الحالية تعتبر خطوة إيجابية جدا كما أكدت مديرة سريرية في مؤسسة القلب البريطانية أن هذه البيانات تدعم بقوة دور أدوية إنقاص الوزن للمرضى الذين يعانون من قصور القلب والسمنة معا ومن الضروري إتاحة الفرصة للمرضى المؤهلين للحصول على هذه العلاجات إلى جانب أدويتهم الحالية.