
شهدت الأسواق العالمية تزايداً ملحوظاً في التوقعات بشأن إقدام البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه القادم في سبتمبر. وتأتي هذه التوقعات القوية في أعقاب صدور بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي التي جاءت متوافقة إلى حد كبير مع التقديرات السابقة وهو ما عزز من احتمالات الخفض بنسبة تقارب 90% بين أوساط المستثمرين.
وقد دعمت تصريحات ماري دالي رئيسة البنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو هذه التوجهات حيث كررت تأييدها لخفض الفائدة نظراً للمخاطر التي يواجهها سوق العمل وأبقت الباب مفتوحاً أمام خفض بمقدار 25 نقطة أساس. وعلى صعيد آخر تزايد الطلب على الذهب كملاذ آمن بعد أن قضت محكمة استئناف أمريكية بعدم قانونية عدد من الرسوم الجمركية التي فرضت في عهد ترامب على واردات صينية بقيمة مئات المليارات من الدولارات مما أثار حالة من عدم اليقين حول مستقبل تلك التعريفات.
نتيجة لهذه التطورات العالمية شهدت أسواق الذهب في مصر قفزة كبيرة مع إغلاق تداولات يوم الاثنين الموافق الأول من سبتمبر حيث ارتفع سعر الجرام الواحد بمقدار 25 جنيهاً. ويأتي هذا الصعود المحلي بالتزامن مع ارتفاع سعر أونصة الذهب عالمياً إلى مستوى 3470 دولاراً وهو ما أثر بشكل مباشر على الأسعار في السوق المحلي.
وانعكست هذه الزيادة على كافة الأعيرة المتداولة في السوق المصري حيث سجل سعر جرام الذهب من عيار 24 قيمة 5389 جنيهاً ووصل سعر عيار 21 الأكثر انتشاراً إلى 4715 جنيهاً. كما بلغ سعر جرام عيار 18 نحو 4041 جنيهاً وسجل عيار 14 ما قيمته 3143 جنيهاً بينما وصلت قيمة الجنيه الذهب إلى 37720 جنيهاً.
وفي سياق متصل أوضح الخبير والمحلل في أسواق الذهب طاهر مرسي أن المعدن الأصفر تمكن من اعتلاء صدارة الأصول العالمية من حيث القيمة السوقية الإجمالية. وأشار إلى أن قيمته السوقية الحالية التي تقدر بنحو 24 تريليون دولار تكاد تعادل مجموع القيم السوقية لأكبر عشر شركات وأصول مالية تالية له في التصنيف العالمي وهو ما يبرز مكانته الفريدة وحجمه الحقيقي في الاقتصاد العالمي.
وشدد مرسي على أن قيمة الذهب السوقية تمثل قيمة المعدن المادي الموجود بالفعل لدى حائزيه على عكس الأصول المالية الأخرى كالأسهم التي تعبر عن أرقام اسمية يصعب تسييلها بالكامل. وضرب مثالاً بشركة إنفيديا التي تتجاوز قيمتها السوقية 4 تريليونات دولار موضحاً أن هذه القيمة لا يمكن تحويلها إلى نقد فعلي لأن أي محاولة بيع كبيرة قد تؤدي إلى انهيار فوري للسعر.
وأضاف أن الذهب يتميز بكونه أصلاً مادياً ذا قيمة حقيقية ذاتية ولا يتعرض للانخفاضات الحادة التي تشهدها أسواق الأسهم. وأكد أنه لم يسبق أن انخفض سعر الذهب بنسبة 20% في يوم واحد بل إن نسبة هبوط 5% لم تسجل على الإطلاق ما يعكس استقراره.
ولفت المحلل إلى أن حساب القيمة السوقية الرسمية للذهب يتم بناء على الأسعار الفورية في البورصات الدولية رغم أن الأسعار خارج هذه البورصات خاصة في الولايات المتحدة قد تزيد أحياناً بأكثر من 200 دولار للأونصة. ويرى أن هذا يعني أن القيمة السوقية المعلنة أقل من قيمته الحقيقية بما لا يقل عن 5%.
كما نوه مرسي إلى أن التقديرات الرسمية تشمل فقط الذهب المسجل والموثق عالمياً في حين توجد احتياطيات وأرصدة ضخمة غير مدرجة ضمن هذه الحسابات فضلاً عن الكميات غير المسجلة التي يحتفظ بها الأفراد والجهات بشكل غير معلن وهو ما يجعل القيمة الحقيقية للذهب أضعاف الرقم المعلن رسمياً.