
يعاني ملايين الأفراد حول العالم من مشكلة الأرق التي باتت إحدى أبرز المشكلات الصحية في العصر الحديث مما يؤثر سلبا على صحتهم الجسدية والنفسية ويقلل من إنتاجيتهم اليومية. وتتجاوز المشكلة مجرد صعوبة النوم لتشمل الاستيقاظ المتكرر ليلا أو النهوض باكرا دون القدرة على معاودة النوم مما يسبب ضعفا في التركيز وتقلبا في المزاج.
أكدت الدكتورة هدى مدحت أخصائية التغذية العلاجية أن مواجهة الأرق لا تقتصر على الأدوية المنومة التي قد تحمل آثارا جانبية مثل الاعتياد وضعف الذاكرة والخمول النهاري. وأشارت إلى أن الطبيعة تزخر ببدائل آمنة وفعالة يمكنها تحسين جودة النوم بشكل ملحوظ عند دمجها مع عادات نوم صحية. فقلة النوم تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
ومن بين أبرز المواد الطبيعية التي أثبتت فعاليتها في هذا المجال يأتي البابونج الذي يعتبر من أشهر الأعشاب المرتبطة بالاسترخاء. فهو يحتوي على مركب الأبيجينين الذي يرتبط بمستقبلات معينة في الدماغ ليمنح تأثيرا مهدئا يساعد على تهدئة الأعصاب. كما تلعب رائحة اللافندر أو الخزامى دورا كبيرا في تهدئة الجهاز العصبي حيث يمكن استنشاق زيته العطري أو إضافة قطرات منه لماء الاستحمام الدافئ لتقليل القلق وتحسين جودة النوم.
لا تقتصر الحلول على الأعشاب العطرية فقط فهناك أطعمة ومشروبات يومية يمكنها أن تصنع فارقا. فالحليب الدافئ مع العسل يعد وصفة قديمة وفعالة إذ يحتوي الحليب على حمض التربتوفان الأميني الذي يساعد الجسم على إنتاج هرموني السعادة والنوم وهما السيروتونين والميلاتونين بينما يعزز العسل من فعالية هذا المشروب. كذلك يعتبر الموز وجبة مسائية مثالية لمقاومة الأرق لغناه بالبوتاسيوم والمغنيسيوم اللذين يعملان كمرخيات طبيعية للعضلات والأعصاب.
وهناك أعشاب أخرى لها تأثير مهدئ مثل اليانسون الذي يساعد شربه دافئا قبل النوم على إرخاء العضلات وتحفيز الاسترخاء. والكركديه المعروف بقدرته على خفض ضغط الدم يمتلك أيضا خصائص مهدئة للأعصاب وتقلل من مستويات التوتر. وحتى الزعفران ليس مجرد بهار للطعام بل يحتوي على مركبات ترفع مستوى السيروتونين المرتبط بالمزاج الجيد والنوم المريح ويمكن إضافته إلى كوب من الحليب الدافئ.
يلعب عنصر المغنيسيوم دورا حيويا في عمل الجهازين العصبي والعضلي وقد يسبب نقصه توترا وأرقا. ويمكن الحصول عليه طبيعيا من مصادر غذائية متنوعة مثل اللوز والسبانخ وبذور اليقطين. كما يعد الشوفان مصدرا غنيا بالمغنيسيوم والتربتوفان مما يجعل وجبة صغيرة منه مع الحليب قبل النوم خيارا ممتازا للشعور بالراحة. وحتى الشاي الأخضر يمكن أن يكون مفيدا شرط أن يكون منزوع الكافيين فهو غني بمركب الثيانين الذي يساعد على تهدئة العقل والجسم.
لتحقيق أقصى استفادة من هذه المواد الطبيعية ينصح بتبني عادات صحية داعمة. فتنظيم الساعة البيولوجية للجسم عبر تحديد مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ يوميا يعد أمرا ضروريا. ومن المهم تهيئة غرفة نوم هادئة ذات إضاءة خافتة وحرارة معتدلة. كما يجب تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة والشاي في فترة المساء. ويؤثر الضوء الأزرق المنبعث من شاشات الهواتف والأجهزة الإلكترونية سلبا على إفراز هرمون الميلاتونين لذا يفضل الابتعاد عنها قبل النوم. وتساهم ممارسة تمارين الاسترخاء كالتنفس العميق أو الحصول على حمام دافئ في تخفيف توتر العضلات وتهيئة الجسم لنوم عميق وهادئ.