
شهدت أسعار الذهب العالمية قفزة تاريخية غير مسبوقة حيث سجلت الأونصة مستوى قياسيا جديدا عند 3565 دولارا ويعزى هذا الصعود الصاروخي إلى تزايد ثقة المستثمرين في أن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتجه نحو تخفيض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل في سبتمبر.
تنعكس هذه التوقعات بقوة في أسواق العقود الآجلة لأسعار الفائدة الأمريكية التي تشير إلى احتمال نسبته 92% بأن صناع السياسة النقدية سيقرون خفضا بمقدار 25 نقطة أساس وهو ما يعزز جاذبية المعدن الأصفر الذي لا يدر عائدا للمستثمرين ويزيد من إقبالهم عليه كملاذ آمن.
وفي السوق المحلي واصلت أسعار الذهب ارتفاعها الملحوظ متأثرة بالتحركات العالمية حيث سجل سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 4825 جنيها بينما بلغ سعر الجرام من عيار 24 نحو 5514 جنيها أما عيار 18 فقد وصل إلى 4136 جنيها وسجل عيار 14 سعر 3217 جنيها للجرام وبلغ سعر الجنيه الذهب 38600 جنيه وتتأثر الأسعار في مصر بشكل مباشر بسعر الأونصة العالمي بالإضافة إلى عوامل العرض والطلب المحلية مما يؤدي إلى تقلبات سعرية قد تصل إلى 30 جنيها.
وتتغذى حالة عدم اليقين في الأسواق على التوترات التجارية والسياسية داخل الولايات المتحدة فقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن عزمها اللجوء إلى المحكمة العليا للطعن في قرار صادر عن محكمة استئناف أمريكية قضى بعدم قانونية بعض الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة وهذا التحرك يفتح الباب أمام تغييرات جذرية في المشهد الاقتصادي الكلي إذا لم تأت قرارات المحكمة العليا متوافقة مع رغبة الإدارة الأمريكية.
يزيد من هذه الضغوط ممارسة الرئيس الأمريكي ضغطا مستمرا على البنك الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول لخفض أسعار الفائدة وقد وصلت هذه الضغوط إلى حد التلويح بإقالة باول ومحاولة إبعاد ليزا كوك عضوة البنك الفيدرالي الشهر الماضي وتثير هذه المحاولات للتدخل في سياسات البنك المركزي مخاوف جدية حول استقلاليته وهو أمر بالغ الأهمية للاستقرار الاقتصادي مما يدفع المستثمرين بقوة نحو الذهب.
هذه العوامل مجتمعة ساهمت في زيادة زخم الطلب على الذهب كملاذ آمن بشكل كبير مما مكنه من اختراق الحاجز النفسي والتاريخي عند 3500 دولار للأونصة هذا الأسبوع وتترقب الأسواق حاليا صدور تقرير الوظائف الأمريكي الذي سيوفر مؤشرات جديدة حول صحة الاقتصاد ويساعد في تحديد مسار الفائدة خلال الفترة القادمة.
على صعيد آخر تشهد الأسواق المالية حالة من العزوف عن المخاطرة تجلت بوضوح في ارتفاع عوائد السندات العالمية وسط مخاوف متزايدة بشأن ارتفاع مستويات الديون في الاقتصادات المتقدمة كما أدت عمليات بيع السندات إلى تعزيز قوة الدولار الأمريكي الذي صعد لأعلى مستوى له في أسبوع مقابل سلة من العملات الرئيسية.
ومن اللافت للنظر أن الدولار والذهب ارتفعا معا في تداولات الأمس على الرغم من العلاقة العكسية التقليدية بينهما وهو ما يؤكد حجم المخاوف السائدة في الأسواق وبحث المستثمرين عن الأمان في مختلف الأصول سواء كان الدولار أو المعدن النفيس.