دعم الزوجين وقت الأزمات: خبراء يكشفون أسرار تجاوز الصعاب وتقوية العلاقة بينهما

دعم الزوجين وقت الأزمات: خبراء يكشفون أسرار تجاوز الصعاب وتقوية العلاقة بينهما
دعم الزوجين وقت الأزمات: خبراء يكشفون أسرار تجاوز الصعاب وتقوية العلاقة بينهما

تُعتبر الأزمات جزءاً لا يتجزأ من مسيرة الحياة الزوجية حيث لا يوجد بيت محصن ضد الضغوط سواء كانت مالية أو صحية أو حتى نفسية واجتماعية لكن المعدن الحقيقي لأي علاقة يظهر بوضوح في قدرة الشريكين على أن يكون كل منهما سنداً للآخر في مواجهة الصعاب فالزواج في جوهره ليس مجرد مشاركة في لحظات الفرح والرخاء بل هو تعهد ضمني بالوقوف معاً كدرع واحد وقت الشدة.

أكدت خبيرة في التنمية البشرية أن مساندة الزوجين لبعضهما البعض تمثل الركيزة الأساسية التي تضمن استمرارية العلاقة ونجاحها على المدى الطويل فالشريك الذي يجد من يخفف عنه ويشاركه ألمه في أوقات الضعف سيظل ممتناً لهذا الموقف طيلة حياته وعلى الرغم من قسوة الأزمات إلا أنها قد تتحول إلى فرصة ثمينة يثبت فيها كل طرف للآخر أنه شريك حياة حقيقي لا يتخلى عنه في الظروف العصيبة كما هو الحال في الأوقات السعيدة.

يمثل الدعم النفسي والعاطفي المتبادل خط الدفاع الأول في وجه أي تحد فعندما يشعر أحد الزوجين بحضور شريكه واستعداده للاستماع والمساندة فإن ذلك يمنحه قوة هائلة على الصمود ويقلل من وطأة الضغوط النفسية فالأزمات بطبيعتها تطلق أسوأ المشاعر الإنسانية كالقلق والخوف وهنا يأتي دور الشريك ليتحول إلى مصدر قوة يحول الطرف الآخر من شخص مثقل بالهموم إلى إنسان قادر على المواجهة بثبات.

يعد التواصل الفعال والهادئ هو حجر الزاوية في تقديم الدعم فالإنسان في وقت الأزمة يحتاج بشدة إلى من يستمع إليه بإنصات حقيقي دون مقاطعة أو إصدار أحكام فالحوار الصريح الذي يتيح التعبير عن المشاعر بحرية وتبادل الأفكار للبحث عن حلول يساهم بشكل مباشر في تخفيف التوتر ويجب أن يتذكر الطرفان أن الهدف ليس إثبات وجهة نظر بل الوصول إلى تفاهم مشترك وتقديم العون.

الكلمات الطيبة لها مفعول السحر في أوقات المحن فعبارات بسيطة مثل أنا بجانبك أو سنتجاوز هذا الأمر معاً أو أثق في قدرتك على تخطي الصعاب تمنح طاقة إيجابية هائلة وتعيد الأمل إلى النفس ولا يقتصر الدعم على الكلام بل يتجسد في أفعال صغيرة كإعداد وجبة مفضلة للشريك أو ترك رسالة تشجيع بسيطة أو حتى احتضان دافئ قد يكون كفيلاً بتبديد الكثير من الخوف والقلق.

في خضم الأزمات تتضاعف الأعباء الملقاة على عاتق الأسرة وإذا تحمل طرف واحد المسؤولية بمفرده فسيصل حتماً إلى مرحلة الإنهاك الجسدي والنفسي لذلك يصبح تقاسم المسؤوليات ضرورة ملحة ففي الأزمة الصحية يمكن لأحدهما تولي رعاية المنزل والأطفال مؤقتاً وفي الأزمة المالية يمكن للطرف الآخر المساهمة في تخفيض النفقات أو البحث عن مصدر دخل إضافي وهذا التقاسم يعكس روح الشراكة الحقيقية ويخفف شعور أي طرف بأنه يقاتل وحيداً.

قد تدفع الضغوط الشديدة أحد الطرفين إلى الانفعال الزائد أو الانغلاق على الذات وهنا تبرز أهمية تحلي الطرف الآخر بالصبر والمرونة والهدوء فإذا فقد كلاهما السيطرة على أعصابهما في آن واحد ستتحول الأزمة إلى صراع داخلي جديد بدلاً من أن تكون مساحة للدعم المتبادل فالتوازن العاطفي يعني أن يقوم أحدهما بدور المهديء والمحفز ويذكر الآخر بوجود أمل ومخارج ممكنة.

بعد تجاوز الصدمة الأولى لأي مشكلة يصبح التفكير العملي ضرورياً وهنا يتجلى دور الزوجين في وضع خطة عمل مشتركة للتعامل مع الموقف ففي الأزمات المالية يمكن وضع ميزانية دقيقة والبحث عن موارد جديدة وفي الأزمات الصحية يتطلب الأمر تنسيقاً للمتابعة الطبية والرعاية المنزلية إن هذا التخطيط يمنح شعوراً بالسيطرة على الوضع ويقلل من القلق الناتج عن المجهول.

يجد الكثير من الأزواج في القيم الروحية والإيمان المشترك ملاذاً آمناً في أوقات الشدة فالصلاة معاً أو قراءة الأدعية أو حتى التأمل يمكن أن يبعث الطمأنينة في النفوس ويقوي الرابطة بينهما إذ إن المنظور الروحي يجعل الأزمة تبدو كاختبار مؤقت يمكن اجتيازه بالصبر والإيمان.

من المهم جداً بعد انتهاء الأزمة أن يجلس الزوجان معاً لمراجعة ما حدث وتقييم طريقة تعاملهما مع الموقف فالتعلم من التجربة وبناء خبرة مشتركة يساعد على جعل العلاقة أكثر نضجاً وقدرة على مواجهة تحديات المستقبل كما أن تقدير كل طرف لجهود الآخر عبر كلمة شكر صادقة أو لفتة امتنان يمنع شعور الطرف الداعم بالاستنزاف ويعزز الروابط العاطفية.

في بعض الأحيان قد تكون الأزمة أكبر من قدرة الزوجين على احتوائها بمفردهما مثل الديون المتراكمة أو المشاكل النفسية العميقة وهنا لا يعد طلب المساعدة من المتخصصين عيباً بل هو قمة الحكمة سواء كان ذلك باللجوء إلى مستشار أسري أو خبير مالي فالمهم هو مواجهة التحدي بروح الفريق الواحد وعدم تهرب أي طرف من مسؤوليته.