
أكدت خبيرة التنمية البشرية ومدربة الحياة شيرين محمود أن لغة الجسد تشكل ركيزة أساسية في بناء علاقة زوجية ناجحة ومتينة فهي لا تقل أهمية عن التواصل اللفظي بل تتفوق عليه في كثير من الأحيان لكونها تعكس بصدق حقيقة المشاعر الكامنة وتؤسس لثقة عميقة ومودة دائمة.
في سياق الحياة الزوجية التي تعد من أسمى العلاقات الإنسانية تمثل الإشارات غير المنطوقة مثل الإيماءات وتعبيرات الوجه ونبرة الصوت وحركة اليدين والعينين نسبة كبيرة من الرسائل المتبادلة بين الشريكين وقد تكون هذه اللغة الصامتة أصدق من الكلمات المنطوقة نفسها إذ يمكن لأحد الطرفين استشعار حقيقة مشاعر الآخر من خلال نظرة عينيه أو طريقة جلوسه.
تلعب لغة الجسد دورا محوريا في تحقيق مقاصد الزواج المتمثلة في المودة والرحمة فإشارات بسيطة مثل ملامسة اليد أثناء الحديث أو لمسة حانية على الكتف عند العودة للمنزل أو حتى الميل بالجسد نحو الشريك عند الاستماع له كلها رسائل غير لفظية تعزز الشعور بالاهتمام والطمأنينة وقد أثبتت الدراسات أن العناق يطلق هرمون الأوكسيتوسين الذي يعرف بهرمون السعادة مما يقوي الروابط العاطفية ويزيد القرب النفسي.
تأتي أهمية هذه اللغة بشكل خاص في اللحظات التي يعجز فيها اللسان عن التعبير سواء بسبب الغضب أو الخجل أو الحرج فعندما يصمت أحد الزوجين خلال خلاف قد تكشف تعابير وجهه المتوترة أو حركة يديه المضطربة عن مشاعر القلق الكامنة وبالمثل قد تعبر الزوجة عن حاجتها للاحتواء والأمان بمجرد ضم ذراعيها حول جسدها في صمت وفهم هذه الإشارات يمنع سوء الفهم ويختصر الكثير من الجدل.
إن بناء الثقة بين الزوجين لا يعتمد على الوعود والكلمات فقط بل تدعمه المواقف والإشارات الجسدية فعندما ينصت الزوج لشريكته مثبتا نظره في عينيها فإنها تشعر بالتقدير والأهمية وعلى النقيض فإن انشغال أحدهما بهاتفه أو النظر بعيدا أثناء حوار مهم يرسل إشارة مباشرة بعدم الاهتمام مما قد يضعف جسور الثقة ويخلق شعورا بالتجاهل.
كثير من الخلافات الزوجية تنشأ بسبب سوء تفسير الكلام أو اختلاف أسلوب التعبير وهنا يساعد الانتباه للإشارات الجسدية على تجنب هذه المشكلات فمثلا قد تقول الزوجة إنها بخير بينما ملامحها وحركاتها تعكس عكس ذلك وتجاهل هذه الإشارات الصامتة يوسع فجوة التواصل بينما الانتباه لها يوفر فرصة لاحتواء الموقف سريعا كما أن الزوج الذي يستخدم نبرة صوت هادئة وإيماءات مطمئنة خلال النقاش يساهم في تخفيف حدة التوتر.
يمكن للزوجين تطوير هذه اللغة بينهما بوعي وانتباه من خلال إدراك أن كل حركة هي رسالة للطرف الآخر والحرص على أن تكون هذه الرسائل إيجابية ويعد الاستماع البصري بالنظر المباشر في عيني الشريك أثناء الحديث وسيلة لإظهار الاهتمام الكامل كما أن الحفاظ على مسافة جسدية قريبة يعكس الألفة بينما الابتعاد قد يوحي بالنفور والحرص على اللمسات البسيطة كمسك اليد أو العناق يعد دليلا قويا على الدعم والحنان بالإضافة إلى أهمية الابتسامة والملامح الودودة.