
كشف الشاعر مهذل الصقور ابن منطقة نجران عن الدوافع الحقيقية والأبعاد التاريخية العميقة التي ألهمته لكتابة قصيدته الشهيرة التي يبدأ مطلعها بعبارة أتظن أنك قد طمست هويتي ومحوت تاريخي ومعتقداتي مؤكدا أن مصدر إلهامه هو قصة أصحاب الأخدود المذكورة في القرآن الكريم.
وأوضح الصقور أن هذه القصة ليست مجرد حكاية تاريخية عابرة بل هي جزء أساسي من الوجدان النجراني ومغروسة في ذاكرة أهل المنطقة بشكل كبير جدا وهو ما يفسر العديد من الظواهر الثقافية والاجتماعية فيها.
ويظهر عمق هذا التأثر التاريخي في انتشار اسم عبد الله بن ثامر بشكل لافت في نجران فهو الشخصية التي يعود لها الفضل في إدخال الديانة المسيحية إلى المنطقة بعد أن كانت الديانة اليهودية هي السائدة في معظم أنحاء اليمن والجزيرة العربية آنذاك.
وتفصيلا لقصة بن ثامر أشار الشاعر إلى أنه تعلم مبادئ المسيحية على يد رجل صالح من أتباع المسيح عليه السلام كان يدعى فميون وبعد أن تشرب التعاليم انطلق لنشرها بين أهله في نجران حتى انتشرت بينهم.
هذا التحول الديني الكبير في نجران لم يرق لملوك اليمن في تلك الحقبة مما أدى إلى غضب أحدهم الذي قرر وضع حد لهذا الأمر فقام بتجهيز جيش ضخم وتوجه به لمحاصرة المدينة.
بعد أن طال الحصار لجأ الملك إلى الحيلة والخداع حيث قدم لأهل نجران العهود والمواثيق المغلظة بأنه سيؤمنهم على أرواحهم ومعتقداتهم إذا فتحوا له أبواب المدينة وعندما وثقوا بعهده وفتحوها غدر بهم وأمر بحفر الأخدود العظيم وإحراقهم فيه.
ومن رحم هذه التضحية وذلك الثبات على المبدأ استلهم الصقور قصيدته لتكون صوتا يعبر عن صمود الهوية في وجه محاولات المحو والإلغاء وتجسيدا لفكرة أن الثائر على الظلم لا يفنى وأن الحق قادم لا محالة كما تعبر نهاية البيت الشعري أنا كالقيامة ذات يوم آت.