
في ظل السعي المستمر وراء صورة الجسد المثالي التي تروج لها الإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي يلجأ الكثيرون إلى الأنظمة الغذائية القاسية أملا في تحقيق نتائج سريعة. لكن هذه الحميات التي تعد بفقدان الوزن في وقت قياسي غالبا ما تنتهي بخيبة أمل وعودة الوزن المفقود بشكل أكبر من السابق.
تعتمد الحميات القاسية بشكل أساسي على تقييد حاد ومفاجئ للسعرات الحرارية وقد تقتصر على أنواع محدودة جدا من الأطعمة مثل الاعتماد على حساء الكرنب أو التفاح فقط. الهدف من هذه الأنظمة هو إحداث صدمة للجسم لإجباره على فقدان الوزن خلال أيام قليلة وهو ما يفسر جاذبيتها لمن يبحثون عن حلول عاجلة.
السر وراء النجاح الأولي المزعوم لهذه الأنظمة يكمن في طبيعة الوزن المفقود. فالتقييد الشديد للسعرات يجبر الجسم على استهلاك مخزونه من الجليكوجين وهو نوع من الكربوهيدرات المرتبط بالماء. وبالتالي فإن الانخفاض السريع على الميزان ليس إلا فقدانا للماء والكتلة العضلية وليس للدهون المستهدفة.
علميا تتسبب هذه الحميات في دخول الجسم ما يعرف بوضعية الدفاع أو المجاعة. فعندما يشعر الجسم بنقص حاد في الطاقة يبدأ في إبطاء عملية الأيض للحفاظ على مخزونه. وفي محاولته للحصول على طاقة سريعة يقوم الجسم بتكسير البروتين في العضلات مما يقلل الكتلة العضلية التي تعد المحرك الأساسي لعملية الحرق. هذا التباطؤ يجعل فقدان الوزن أكثر صعوبة مع مرور الوقت.
إضافة إلى ذلك يتأثر توازن الهرمونات بشكل كبير حيث ترتفع مستويات هرمون الجوع الغريلين بينما تنخفض مستويات هرمون الشبع الليبتين مما يجعل السيطرة على الشهية معركة خاسرة. لا يقتصر الفشل على الجانب الجسدي فقط بل يمتد إلى الجانب النفسي فالحرمان الشديد يخلق حالة من الهوس بالطعام ويزيد من الرغبة في تناول الممنوعات. وبمجرد التوقف عن الحمية يندفع الشخص لتعويض ما فاته في دوامة من الإفراط في الأكل والشعور بالذنب والفشل.
تُعرف هذه الدورة من فقدان الوزن ثم استعادته بظاهرة اليويو وهي لا تضر بالصحة النفسية فحسب بل تترك آثارا سلبية طويلة الأمد على الجسم. تشمل هذه الأضرار ضعف الجهاز المناعي نتيجة نقص العناصر الغذائية الأساسية وحدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي وترهل الجلد بسبب التغيرات السريعة في الوزن بالإضافة إلى مشاكل هرمونية قد تؤثر على انتظام الدورة الشهرية لدى النساء ومشكلات نفسية كالقلق والاكتئاب.
تشير أخصائية في التغذية العلاجية إلى أن الحل يكمن في تغيير نمط الحياة بدلا من اتباع حلول مؤقتة. الأنظمة الغذائية الناجحة تعتمد على التوازن والاعتدال وتوفر للجسم جميع احتياجاته من البروتينات لدعم العضلات والكربوهيدرات المعقدة للطاقة والدهون الصحية لوظائف الجسم الحيوية مع التركيز على الخضروات والفواكه وشرب كميات كافية من الماء.
لتجنب الوقوع في فخ الحميات السريعة ينصح الخبراء بوضع أهداف منطقية لفقدان الوزن مثل خسارة نصف كيلوجرام أسبوعيا. كما أن دمج النشاط البدني المنتظم في الروتين اليومي يساعد على تعزيز عملية الأيض والحفاظ على الكتلة العضلية. ويعد الحصول على قسط كاف من النوم وإدارة التوتر واستشارة مختص تغذية خطوات أساسية لضمان رحلة آمنة وناجحة نحو وزن صحي.