
في إنجاز علمي قد يغير مستقبل علاج النقرس تمكن فريق من العلماء من إعادة إحياء جين قديم فُقد من البشر منذ أكثر من عشرين مليون عام وهو الجين المسؤول عن إنتاج إنزيم قادر على مواجهة الأسباب الجذرية لهذا المرض المؤلم. ويفتح هذا الاكتشاف الباب أمام علاجات جديدة محتملة ليس فقط للنقرس بل لمجموعة من الأمراض الأخرى المرتبطة به.
يعاني المصابون بالنقرس من آلام شديدة نتيجة تراكم حمض اليوريك في الدم وهي حالة تعرف بفرط حمض اليوريك. ويؤدي هذا التراكم إلى تكون بلورات حادة في المفاصل والكلى مسببا التهابات حادة ومضاعفات صحية خطيرة قد تصل إلى تلف الكبد وأمراض الكلى المزمنة.
يفتقر البشر إلى آلية دفاع طبيعية ضد هذه الحالة بسبب فقدانهم للجين المنتج لإنزيم اليوريكاز القادر على تفكيك حمض اليوريك. وقد اختفى هذا الجين تدريجيا من بعض الرئيسيات قبل ملايين السنين في فترة كان فيها ارتفاع حمض اليوريك ميزة تساعد على تخزين الطاقة كدهون خلال أوقات ندرة الغذاء لكن هذه الميزة التطورية تحولت إلى عبء في العصر الحديث.
قرر الباحثون استكشاف إمكانية إعادة هذا الجين المعطل إلى العمل. وبالاعتماد على تقنية كريسبر المتطورة ونماذج حاسوبية دقيقة تتبعت التغيرات التي طرأت على الجين عبر العصور تمكن الفريق من إعادة بناء نسخة قديمة منه بالاستناد إلى جينات مشابهة لا تزال نشطة لدى بعض الثدييات الأخرى.
أجريت التجارب الأولية في المختبر على خلايا كبد بشرية معدلة وراثيا وأظهرت نتائج مبشرة للغاية. فقد نجح الجين المستعاد في إنتاج إنزيم اليوريكاز بفعالية مما أدى إلى خفض مستويات حمض اليوريك بشكل ملحوظ كما قلل من تراكم الدهون الذي يسببه سكر الفاكهة في الخلايا.
تعززت هذه النتائج الإيجابية عند اختبارها على نماذج ثلاثية الأبعاد أكثر تعقيدا لخلايا الكبد. وأشار الباحثون إلى أن وجود الإنزيم المنتج في أجزاء دقيقة داخل الخلية تعرف بالبيروكسيسومات يعد دليلا قويا على أنه يصل إلى الموقع الصحيح للقيام بوظيفته. ولا تقتصر الفوائد المحتملة لهذا العلاج على النقرس فقط بل قد تمتد لتشمل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وحصوات الكلى.
ورغم هذه النتائج الواعدة لا يزال الطريق طويلا حيث يتطلب الأمر إجراء المزيد من التجارب على النماذج الحيوانية للتأكد من فعالية العلاج وسلامته. ويحرص العلماء على ضمان أن إعادة تنشيط هذا الجين القديم لن يؤثر سلبا على أي عمليات حيوية أخرى في جسم الإنسان.