
شهدت أسعار الذهب قفزة ملحوظة حيث تأثرت الأسواق العالمية بمجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية التي عززت من جاذبية المعدن الأصفر كملاذ آمن للمستثمرين. ويأتي في مقدمة هذه العوامل الضغوط السياسية المتزايدة التي تتعرض لها استقلالية البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ما أثار مخاوف جدية حول قدرة البنك على اتخاذ قراراته النقدية بمعزل عن التأثيرات الحكومية وهو ما دفع المستثمرين للانحياز بشكل واضح نحو الذهب.
تفاقمت حالة عدم اليقين في المشهد الاقتصادي العالمي بسبب التوترات التجارية المحتملة والإجراءات القانونية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية. فقد أعلنت الإدارة عزمها رفع قضية تتعلق بالرسوم الجمركية إلى المحكمة العليا طالبة حكما عاجلا وذلك بعد أن قضت محكمة استئناف بعدم قانونية هذه الرسوم. مثل هذه الخطوة قد تغير بشكل جذري خريطة الاقتصاد الكلي إذا جاءت قرارات المحكمة العليا مخالفة لتوقعات ورغبات الإدارة مما يغذي حالة القلق ويدعم أسعار الأصول الآمنة.
يرى محللون في السوق أن الذهب يتحرك في مسار صاعد مستفيدا من عدة محركات رئيسية حيث يميل المتعاملون إلى التريث قبيل صدور بيانات الوظائف المهمة. وتظل العوامل الأساسية في صالح المعدن الثمين خاصة مع تزايد احتمالات خفض أسعار الفائدة في وقت قريب وهو توجه تدعمه رغبة الرئيس دونالد ترامب في إعادة تشكيل سياسات البنك الفيدرالي نحو مزيد من التيسير النقدي بالإضافة إلى استمرار التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا التي تزيد من الإقبال على الملاذات الآمنة.
لقد مارس الرئيس الأمريكي ضغوطا مستمرة على البنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة ووصل الأمر إلى حد مناقشته العلنية لإمكانية إقالة رئيس البنك جيروم باول. وزاد من حدة هذا الصراع محاولته الشهر الماضي إقالة ليزا كوك عضوة البنك الفيدرالي وهو ما يمثل اختبارا قانونيا حاسما لقدرة المؤسسة النقدية الأبرز في العالم على العمل باستقلالية تامة بعيدا عن أي تدخل سياسي.
على صعيد آخر تشهد أسواق المال حالة من العزوف عن المخاطرة تجلت بوضوح في ارتفاع عوائد السندات العالمية بشكل عام. وينبع هذا التوجه من المخاوف المتزايدة بشأن المستويات المرتفعة للديون في الاقتصادات المتقدمة. ومن المفارقات أن عمليات بيع السندات العالمية هذه أدت إلى تعزيز قوة الدولار الأمريكي الذي ارتفع لأعلى مستوى له في أسبوع واحد مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى.
محليا استقرت أسعار الذهب في مصر بعد أن شهدت ارتفاعا ملحوظا في التعاملات الصباحية بقيمة تصل إلى سبعين جنيها لجميع الأعيرة المتداولة بالأسواق. ويأتي هذا التحرك المحلي متأثرا بالصعود العالمي لأسعار المعدن النفيس بنسبة بلغت ثلاثة فاصلة سبعة بالمئة خلال أسبوع واحد. ويتأرجح سعر الذهب في السوق المصرية صعودا وهبوطا بفوارق سعرية قد تصل إلى ثلاثين جنيها ويعود ذلك إلى التغيرات المستمرة في سعر الأونصة عالميا بالإضافة إلى عوامل العرض والطلب المحلية التي تلعب دورا مهما في تحديد حركة السوق. وقد سجل عيار 24 سعر 5566 جنيها للجرام ووصل عيار 21 إلى 4870 جنيها للجرام بينما بلغ سعر عيار 18 نحو 4174 جنيها للجرام وسجل عيار 14 ما قيمته 3247 جنيها للجرام في حين وصل سعر الجنيه الذهب إلى 38960 جنيها.