
يعاني الكثيرون من مشكلة فرط تعرق الوجه التي تسبب لهم إحراجا كبيرا وتؤثر سلبا على جودة حياتهم اليومية وثقتهم بأنفسهم حيث يتصبب العرق بشكل غزير وغير متوقع على الوجه والرأس مما يدفع المصابين للبحث عن أسباب هذه الظاهرة المزعجة والحلول الفعالة الممكنة للتغلب عليها.
يوضح خبراء الأمراض الجلدية أن عملية التعرق بحد ذاتها وظيفة جسدية طبيعية وصحية تماما فهي الآلية التي يستخدمها الجسم لتبريد نفسه والحماية من ارتفاع درجة الحرارة ولكن المشكلة تكمن عندما يصبح التعرق غزيرا ومفرطا بشكل غير متوقع حيث يؤثر على الحياة الاجتماعية والمهنية للفرد وعندما يتركز هذا التعرق الزائد في منطقة الرأس والوجه فإنه يعرف طبيا باسم فرط تعرق الوجه.
يمكن تقسيم هذه الحالة إلى نوعين رئيسيين لكل منهما أسبابه وطرق علاجه فالنوع الأول هو فرط التعرق الأولي وفيه يكون التعرق المفرط هو المرض بحد ذاته دون وجود أسباب جسدية أو أمراض أخرى كامنة خلفه ويكون المرضى في هذه الحالة أصحاء بشكل عام ويبدو أن نوبات التعرق الغزير في الوجه والرأس تحدث فجأة دون سابق إنذار.
أما النوع الثاني فهو فرط التعرق الوجهي الثانوي والذي يظهر كعرض مصاحب لحالة طبية أخرى قائمة بالفعل مثل اضطرابات القلق ونوبات الهلع أو وجود اختلالات عصبية أو اضطرابات هرمونية في الجسم ولهذا السبب من الضروري استشارة الطبيب المختص لتحديد السبب الدقيق الكامن وراء التعرق المفرط لأن معالجة الأعراض وحدها لن تكون حلا دائما للمشكلة الأساسية.
تتعدد العوامل التي قد تفاقم أعراض فرط التعرق الأولي وتزيد من حدتها وتشمل هذه العوامل التعرض للمواقف المسببة للتوتر والإجهاد النفسي وارتفاع درجات حرارة الجو وبذل مجهود بدني كبير بالإضافة إلى تناول بعض الأطعمة الحارة أو الغنية بالتوابل كما أن بعض أنواع الأدوية قد تكون سببا في تحفيز هذه الحالة.
هناك مجموعة من الإجراءات والتدابير التي يمكن اتخاذها لمواجهة فرط التعرق الوجهي والحد من تأثيره وتبدأ هذه الحلول بتغييرات في نمط الحياة مثل تجنب الإرهاق الجسدي الزائد خاصة في الأجواء الحارة والحرص على اختيار الأطعمة التي لا تسبب إجهادا للجسم مع الاهتمام بالحصول على قسط كاف من النوم يوميا وممارسة تمارين الاسترخاء مثل التأمل واليقظة الذهنية للمساعدة في تقليل مستويات التوتر اليومي.
تعديل النظام الغذائي يلعب دورا محوريا أيضا في التحكم بفرط تعرق الوجه إذ يُنصح بالابتعاد عن الأطعمة والمشروبات ذات الطبيعة الحارة أو التي تحتوي على الكثير من التوابل وينطبق الأمر نفسه على المشروبات التي تحتوي على الكافيين وكذلك النيكوتين والكحول كما أن الحفاظ على وزن صحي من خلال اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام يساهم في تقليل التعرق الزائد.
من جهة أخرى تساعد مضادات التعرق المصممة خصيصا للاستخدام على الوجه والرأس في تنظيم إنتاج العرق إذ تعمل هذه المنتجات على تضييق مسام الغدد العرقية بشكل مؤقت وتتوفر بأشكال متنوعة مثل الرغوة أو القطرات أو البكرات الدوارة ولتحقيق أفضل النتائج يجب استخدام هذه المنتجات بانتظام وعلى مدى فترة طويلة.
إلى جانب ذلك يوصى بشرب كميات وفيرة من السوائل كالماء والشاي على أن تكون في درجة حرارة معتدلة فلا هي شديدة السخونة ولا شديدة البرودة لأن ذلك يقلل من الجهد الذي يبذله الجسم لتنظيم حرارته وبالتالي يمنع التعرق كرد فعل كما أن الاستحمام بالماء المتناوب بين البارد والساخن يمكن أن يساعد في تحسين تنظيم حرارة الجسم.
في الحالات التي لا تستجيب للحلول السابقة يمكن اللجوء إلى خيارات علاجية أكثر تقدما مثل حقن البوتوكس حيث يتم حقن هذه المادة العصبية تحت الجلد لتصل إلى الغدد العرقية وتمنع وصول النبضات العصبية التي تحفزها على إفراز العرق ويستمر تأثير هذا العلاج لمدة تصل إلى عام كامل ويمكن تكراره بعد ذلك ولكنه لا يخلو من بعض المخاطر المحتملة مثل ظهور تورم وكدمات أو انخفاض في القدرة على التعبير بالوجه أو حتى تهدل الجفون.
وعندما تفشل جميع الوسائل الأخرى في تحقيق نتيجة مرضية قد يصبح الخيار الجراحي هو الحل الأخير حيث يتم اللجوء إلى عملية جراحية تهدف إلى إزالة الغدد العرقية المسببة للمشكلة بشكل دائم.