
يمثل النوم تحت غطاء أو بطانية عادة أساسية بالنسبة لغالبية الناس حتى خلال الأجواء الحارة حيث لا يمكن الاستغناء عنها. هذه الظاهرة لا تعد مجرد سلوك مكتسب بل تصل أحياناً إلى كونها ضرورة شعورية لتحقيق الاسترخاء والراحة النفسية ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول أسرارها العميقة.
من الناحية النفسية يوفر الغطاء إحساساً عميقاً بالأمان والطمأنينة خاصة للأشخاص الذين يعانون من القلق أو التوتر المزمن. ويفسر الخبراء أن هؤلاء الأشخاص قد يعيشون في حالة من اليقظة المفرطة حيث تكون حواسهم في حالة تأهب دائم وهنا يأتي دور البطانية لتشكل حاجزاً مادياً يعمل كشرنقة واقية. هذا الإحساس بالحماية يساهم في تهدئة العقل والسيطرة على الأفكار المتسارعة ويقلل من إفراز هرمونات التوتر ما يسهل عملية الدخول في نوم عميق.
يعتمد الجسم على البطانية كأداة تبعث على السكينة وتوفر شعوراً شبيهاً بالعناق أو الاحتواء وهو ما يؤدي بيولوجياً إلى خفض مستويات الهرمونات المسؤولة عن الإجهاد وتحفيز النوم. لكن هذا الارتباط لا يعود دائماً إلى وجود صدمة نفسية ففي كثير من الحالات يكون السبب مجرد تكيف سلوكي نشأ وتطور منذ مرحلة الطفولة. يربط الدماغ بشكل تلقائي بين وجود البطانية ووقت النوم لتصبح إشارة واضحة بأن وقت الراحة قد حان وهو نوع من الاستجابة الشرطية التي تتكون عبر العادات المتكررة.
على الصعيد الجسدي والبيولوجي تنخفض درجة حرارة الجسم بشكل طبيعي عند الاستعداد للنوم وتساعد البطانية في تنظيم هذا الانخفاض التدريجي. هي توفر الدفء اللازم لمنع الشعور بالبرودة أو القشعريرة التي قد تعكر صفو النوم كما أن هذا الدفء المعتدل يعزز حالة الاسترخاء البدني والذهني. وقد انتشر حديثاً استخدام البطانيات المثقلة كأداة علاجية لتخفيف القلق حيث تطبق ما يعرف باللمس العميق أو التحفيز بالضغط العميق والذي يقلل من هرمونات التوتر ويزيد في المقابل من إنتاج هرمون السيروتونين المرتبط بالشعور بالسعادة.
بالطبع يمكن للإنسان أن ينام دون بطانية لكن ذلك يتطلب الخروج عن عادات متجذرة. وينصح الخبراء بالقيام بهذا التحول بشكل تدريجي عبر استخدام غطاء خفيف أو ملاءة بسيطة في البداية بدلاً من التخلي الكامل والمفاجئ. مع مرور الوقت يبدأ الدماغ في تعلم الاستجابة لإشارات نوم جديدة مثل الإضاءة الخافتة أو الموسيقى الهادئة أو حتى العطور المهدئة لتصبح هي المحفز الجديد للنوم.
إذا كان الاعتماد على البطانية يتجاوز كونه مجرد عادة ويصل إلى الشعور بالذعر أو الانزعاج الشديد عند غيابها فقد يكون ذلك مؤشراً على وجود أسباب نفسية أعمق مثل القلق الحاد أو صدمة لم يتم التعامل معها. في مثل هذه الحالات ينصح باللجوء إلى استشارة نفسية متخصصة لمعالجة المشكلة من جذورها بدلاً من الاكتفاء بالتعامل مع أعراضها السطحية. فاستخدام البطانية كوسيلة للتكيف مع ضغوط الحياة ليس علامة ضعف بل هو في الغالب أسلوب للعناية بالذات.