على الرغم من أن فقر الدم أو الأنيميا يرتبط في الأذهان بشكل شائع بالنساء والأطفال إلا أن الرجال ليسوا بمنأى عن هذه الحالة الصحية التي غالبا ما يتم تجاهلها لديهم أو اكتشافها بمحض الصدفة عند إجراء فحوصات الدم الروتينية وهو ما يستدعي زيادة الوعي حول أعراضها وأسبابها لدى الرجال.
يعرف فقر الدم طبيا بأنه اضطراب يحدث نتيجة انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء السليمة أو تراجع مستوى الهيموجلوبين وهو البروتين الأساسي المسؤول عن نقل الأكسجين من الرئتين إلى جميع أنسجة الجسم ويؤدي هذا النقص إلى إعاقة وظائف الجسم الحيوية مما يسبب شعورا عاما بالإرهاق والضعف.
تشير إحدى الدراسات الحديثة إلى أن حوالي ربع سكان العالم يعانون من الأنيميا ورغم أن النسبة الأكبر منهم من النساء إلا أن الرجال يشكلون ما يقارب 12.7% من إجمالي المصابين وهذا يعني أن رجلا واحدا من بين كل عشرين رجلا تقريبا قد يكون مصابا بفقر الدم.
تتعدد العوامل التي قد تؤدي إلى إصابة الرجال بالأنيميا وتتنوع بين أسباب غذائية ومرضية وأخرى تتعلق بنمط الحياة ومن أبرز هذه الأسباب نقص العناصر الغذائية الضرورية لإنتاج الدم كالحديد وفيتامين ب12 وحمض الفوليك كما يمكن أن يحدث فقر الدم نتيجة نزيف داخلي غير ظاهر مثل قرحة المعدة أو اضطرابات الجهاز الهضمي.
تلعب الأمراض المزمنة دورا مهما أيضا في تطور الأنيميا لدى الرجال حيث إن أمراضا مثل أمراض الكلى والسكري والسرطان قد تؤثر على قدرة الجسم على إنتاج خلايا الدم الحمراء وهناك أيضا أمراض وراثية نادرة مثل الثلاسيميا والأنيميا المنجلية وفي بعض الحالات قد يساهم انخفاض هرمون التستوستيرون في ظهور المشكلة.
هناك مجموعة من الأعراض والعلامات التحذيرية التي يجب على الرجل عدم تجاهلها لأنها قد تكون مؤشرا على إصابته بفقر الدم وأكثر هذه الأعراض شيوعا هو الشعور المستمر بالتعب والإرهاق الشديد حتى مع بذل مجهود بسيط إضافة إلى ضيق في التنفس وشحوب لون الجلد والدوخة خاصة عند الوقوف فجأة.
تشمل الأعراض الأخرى التي تستدعي الانتباه الصداع المتكرر وتسارع نبضات القلب أو الشعور بالخفقان وصعوبة في التركيز والشعور بالبرودة في الأطراف بشكل غير مبرر وعلى الرغم من أن الرجال قد ينسبون هذه الأعراض لضغوط الحياة اليومية إلا أن استمرارها يعد إشارة قوية لضرورة استشارة الطبيب.
يبدأ تشخيص الأنيميا عادة بإجراء تحليل دم بسيط لقياس عدد خلايا الدم الحمراء ومستويات الحديد والهيموجلوبين ولكن نظرا لأن إصابة الرجل بفقر الدم تعتبر مؤشرا لاحتمالية وجود مشكلة صحية كامنة أكثر خطورة فغالبا ما يطلب الأطباء إجراء فحوصات إضافية مثل منظار المعدة أو القولون لتحديد السبب الجذري للمشكلة.
يعتمد العلاج بشكل أساسي على معالجة المسبب الرئيسي فإذا كان السبب هو نقص غذائي يصف الطبيب المكملات الغذائية المناسبة مثل حبوب الحديد أو فيتامين ب12 أما إذا كان فقر الدم ناتجا عن مرض آخر فإن التركيز ينصب على علاج ذلك المرض مما يؤدي بدوره إلى تحسن حالة الدم.
يمثل النظام الغذائي الصحي حجر الزاوية في الوقاية من الأنيميا وعلاجها حيث ينصح بالتركيز على تناول الأطعمة الغنية بالحديد سهل الامتصاص والموجود في اللحوم الحمراء والدجاج والأسماك كما تعد المصادر النباتية مثل البقوليات والعدس والسبانخ خيارا جيدا مع ضرورة تناولها إلى جانب أطعمة غنية بفيتامين سي مثل الفواكه الحمضية والطماطم لتعزيز قدرة الجسم على امتصاص الحديد وينصح أيضا بتجنب شرب الشاي والقهوة مع الوجبات مباشرة لأنها تعيق عملية الامتصاص.
