اكتسبت بذور الشيا شهرة واسعة في الأوساط الصحية العالمية خلال السنوات الأخيرة حيث تحولت إلى مكون رئيسي في الأنظمة الغذائية لمن يسعون نحو تحسين صحتهم العامة أو فقدان الوزن أو تعزيز مستويات الطاقة لديهم. وعلى الرغم من حجمها الصغير تعد هذه البذور كنزا غذائيا يحمل فوائد مذهلة وعناصر ضرورية لصحة الجسم.
يكمن سر هذه الحبوب الصغيرة في تركيبتها الغذائية الفريدة والغنية فالقليل منها يحمل الكثير من الفوائد. وأوضحت الدكتورة مروة كمال أخصائية التغذية العلاجية أن ملعقتين كبيرتين فقط من بذور الشيا تحتويان على ما يقارب 10 جرامات من الألياف و5 جرامات من البروتين و5 جرامات من أحماض أوميجا-3 الدهنية إضافة إلى نسبة جيدة من الكالسيوم تعادل حوالي 20% من الاحتياج اليومي ومعادن أخرى هامة مثل المغنيسيوم والحديد والزنك.
تمثل بذور الشيا داعما قويا لصحة القلب والأوعية الدموية بفضل محتواها العالي من أحماض أوميجا-3 التي تلعب دورا حيويا في خفض مستويات الكوليسترول الضار ورفع الكوليسترول النافع. كما تساهم هذه الأحماض في تنظيم ضغط الدم والوقاية من تكون الجلطات. وتشير الدراسات إلى أن الاستهلاك المنتظم لهذه البذور يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين مما يجعلها خيارا مثاليا للبالغين وكبار السن.
أحد الأسباب الرئيسية لانتشار بذور الشيا بين المهتمين بالرشاقة هو دورها الفعال في المساعدة على فقدان الوزن. عند نقعها في السوائل مثل الماء أو الحليب يتضاعف حجمها مكونة مادة هلامية تملأ المعدة وتزيد من الإحساس بالشبع لفترات طويلة مما يقلل الشهية ويؤخر الشعور بالجوع. كما أن محتواها من البروتين يساهم في تعزيز معدل الأيض بالجسم ويدعم عملية حرق السعرات الحرارية.
يعود تاريخ استخدام بذور الشيا إلى حضارات قديمة مثل المايا والأزتيك حيث كانت غذاء أساسيا للمحاربين لزيادة قدرتهم على التحمل. واليوم ما زالت تقدم الفائدة ذاتها للرياضيين والأشخاص الذين يحتاجون إلى طاقة مستدامة طوال اليوم لأنها توفر مزيجا متوازنا من البروتين والدهون الصحية والكربوهيدرات المعقدة.
يعد تعزيز صحة الجهاز الهضمي من أبرز فوائد بذور الشيا بفضل غناها بالألياف الغذائية التي تحسن حركة الأمعاء وتمنع الإمساك. وتساعد قدرتها على امتصاص كميات كبيرة من الماء في تكوين مادة جيلاتينية تدعم الشعور بالامتلاء وتجعلها خيارا ممتازا لمن يعانون من مشكلات هضمية أو يرغبون في التحكم بالوزن.
بفضل تركيبتها الغنية بالكالسيوم والمغنيسيوم والفوسفور تعد بذور الشيا عنصرا أساسيا للحفاظ على قوة العظام والأسنان. يساهم تناولها بانتظام في الوقاية من هشاشة العظام خاصة لدى النساء بعد سن الأربعين كما أنها تدعم صحة الأسنان وتقلل من احتمالية تعرضها للتسوس أو الضعف.
أظهرت بعض الأبحاث أن بذور الشيا قد تساعد في إبطاء عملية امتصاص الكربوهيدرات في الجسم مما يساهم في استقرار مستويات السكر في الدم. هذه الميزة تجعلها غذاء مفيدا بشكل خاص لمرضى السكري أو الأفراد الذين يسعون إلى تجنب التقلبات الحادة في سكر الدم بعد تناول الوجبات.
لا تقتصر فوائدها على الصحة الداخلية فقط بل تمتد لتشمل الجمال الخارجي. فالدهون الصحية ومضادات الأكسدة الموجودة فيها تعمل على تحسين مرونة الجلد وتقليل ظهور علامات الشيخوخة المبكرة كما تساعد على ترطيب البشرة من الداخل. ويعزز محتواها من البروتين والزنك نمو الشعر ويحافظ على قوته ولمعانه.
تتميز بذور الشيا بسهولة دمجها في النظام الغذائي اليومي نظرا لتعدد استخداماتها. يمكن إضافتها إلى العصائر الطبيعية والزبادي أو الشوفان كما يمكن رشها فوق السلطات والأطباق الرئيسية. ويمكن أيضا استخدامها في المخبوزات مثل الخبز والكعك أو نقعها في سائل لعدة ساعات وتناولها كوجبة خفيفة ومُشبعة أو استعمالها كبديل صحي للبيض في بعض الوصفات النباتية.
على الرغم من فوائدها المتعددة ينصح الخبراء بتناول بذور الشيا بكميات معتدلة لأن الإفراط في استهلاكها قد يسبب بعض الاضطرابات الهضمية كالانتفاخ والغازات. من الأفضل البدء بكميات صغيرة لمن لم يعتد عليها مع الحرص على شرب كمية وافرة من الماء. وينبغي على مرضى ضغط الدم أو الأشخاص الذين يتناولون أدوية مميعة للدم استشارة الطبيب قبل إدراجها بكثرة في نظامهم الغذائي.
