
مع اقتراب موعد انطلاق العام الدراسي الجديد تتصاعد وتيرة الاستعدادات في كل منزل وتجد الأمهات أنفسهن أمام مسؤولية كبيرة تتجاوز مجرد شراء الأدوات المدرسية حيث يتعين عليهن تهيئة الأبناء والأسرة بأكملها نفسيا وصحيا وتنظيميا لانطلاقة دراسية ناجحة ومثمرة.
أكدت الدكتورة عبلة إبراهيم استاذة التربية ومستشارة العلاقات الأسرية أن الأسبوعين الأخيرين من الإجازة يمثلان فترة حيوية يمكن للأم استغلالها لتدريب أطفالها على النظام الجديد وترسيخ عادات إيجابية تساعدهم طوال العام فالتحضير الجيد لا يشمل فقط الحقائب والكتب بل يمتد إلى بناء بيئة منزلية داعمة ومحفزة تضمن بداية قوية تنعكس إيجابا على الأداء الأكاديمي والنفسي للطفل.
يعد الجانب النفسي حجر الزاوية في عملية الاستعداد حيث ينبغي على الأم أن تبدأ ببناء صورة إيجابية عن المدرسة في ذهن طفلها من خلال الحديث عن الجوانب الممتعة مثل لقاء الأصدقاء وتعلم أشياء جديدة والمشاركة في الأنشطة المختلفة فذلك يغرس الحماس في نفسه ويخفف من أي مشاعر قلق أو خوف قد تنتابه ومن المفيد أيضا مناقشة التحديات المحتملة معه بأسلوب مبسط ككيفية تكوين صداقات أو التعامل مع مادة دراسية صعبة مع تزويده بحلول عملية وبسيطة.
في السياق ذاته يأتي تنظيم الروتين اليومي كخطوة أساسية للانتقال السلس من أجواء الإجازة إلى الالتزام المدرسي ويأتي على رأس هذا التنظيم ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ بشكل تدريجي قبل بدء الدراسة بأيام كافية وذلك بتقديم موعد النوم نصف ساعة كل ليلة حتى يصل الطفل للموعد المطلوب دون إرهاق كما يجب تقليل وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية والشاشات تدريجيا لتجنب الصدمة عند بدء الدراسة ولتعويد الطفل على التركيز لفترات أطول.
لتكتمل عملية التهيئة يجب تعزيز استقلالية الطفل وثقته بنفسه من خلال تشجيعه على القيام ببعض المهام البسيطة بنفسه كارتداء ملابسه أو ترتيب حقيبته المدرسية أو تحضير أدواته فهذه الممارسات الصغيرة تجعله أكثر استعدادا لتحمل مسؤولياته في المدرسة كما يمكن تدريبه على الجلوس بهدوء لفترات قصيرة في ركن المذاكرة لممارسة نشاط تعليمي بسيط ليعتاد على أجواء الحصص الدراسية.
من الناحية الأكاديمية لا بد من تنشيط ذاكرة الطفل وعقله قبل بدء الدروس المكثفة ويمكن تحقيق ذلك عبر مراجعة خفيفة وممتعة لبعض أساسيات القراءة والكتابة أو القواعد الحسابية باستخدام الألعاب التعليمية والقصص المصورة وتلعب القراءة الحرة دورا مهما في استعادة التركيز وتنمية الخيال لذا فإن تخصيص وقت يومي للقراءة في مجال يفضله الطفل يعد استثمارا ممتازا.
لا يقل الاستعداد الصحي أهمية عن الجوانب الأخرى فمن الضروري إجراء فحص طبي دوري للتأكد من سلامة نظر الطفل وأسنانه واستعداده الجسدي الكامل للعام الدراسي كما يجب التركيز على تعزيز مناعته من خلال تقديم وجبات صحية متوازنة غنية بالخضروات والفواكه والبروتينات مع تقليل السكريات والأطعمة المصنعة لحمايته من أمراض الموسم الدراسي ويساعد تشجيعه على ممارسة نشاط بدني يومي في تفريغ طاقته وتنشيط دورته الدموية.
أما على الصعيد التنظيمي والمادي فيفضل إعداد قائمة محددة بالمستلزمات الدراسية لتجنب الإنفاق الزائد والشراء العشوائي ويمكن إشراك الطفل في اختيار بعض أدواته ليشعر بالمسؤولية والتحفيز كما يجب التأكد من جاهزية الزي المدرسي وتحضيره مسبقا لتخفيف الضغط في الأيام الأولى بالإضافة إلى تخصيص ركن هادئ ومضاء جيدا في المنزل للمذاكرة ووضع خطة مسبقة للوجبات المدرسية الصحية.
أخيرا تحتاج الأم نفسها إلى الاستعداد النفسي لهذه المرحلة فعليها أن تهيئ نفسها للتغييرات التي ستطرأ على روتينها اليومي وأن تضع خطة مسبقة للمهام المنزلية لتتمكن من التفرغ لمتابعة أبنائها ويعد الحفاظ على هدوئها وصبرها أمرا ضروريا لإدارة متطلبات العام الدراسي بروح إيجابية وتخصيص وقت للراحة للعناية بنفسها.