
أطلقت وزارة الصحة المصرية حملة وطنية شاملة تهدف إلى الحد من الانتشار الواسع للولادات القيصرية غير الضرورية وتشجيع السيدات على تبني خيار الولادة الطبيعية. تأتي هذه الخطوة استجابة للمخاطر الصحية المتزايدة المرتبطة بهذه الجراحة التي أصبحت شائعة بشكل لافت في البلاد وتهدف الحملة إلى تدريب الحوامل وتوعيتهن بالفوائد العديدة للولادة الطبيعية.
توضح الدكتورة نادية عبد القادر استشارية طب وجراحة النساء والولادة أن الولادة القيصرية تحولت إلى إجراء شائع جدا في الوقت الراهن حيث تختارها الكثير من النساء إما لأسباب طبية قهرية تستدعي التدخل الجراحي لإنقاذ حياة الأم أو الجنين وإما كخيار شخصي لتفادي آلام المخاض الطبيعي. ورغم أن هذه العملية قد تكون حلا منقذا للحياة في حالات معينة فإن اللجوء المفرط لها دون وجود سبب طبي حقيقي يحمل في طياته أخطارا صحية جسيمة على الأم والطفل على المديين القصير والطويل.
بالنسبة للمولود فإن الولادة القيصرية لا تخلو من المخاطر أيضا حيث يكون الأطفال المولودون بها أكثر عرضة للمعاناة من مشكلات تنفسية مؤقتة ويرجع ذلك إلى عدم مرورهم عبر قناة الولادة الطبيعية التي تساعد على الضغط على الرئتين وإخراج السوائل منهما. إضافة إلى ذلك قد يتعرض الجنين في حالات نادرة جدا لجروح سطحية بسيطة أثناء عملية الشق الجراحي للبطن والرحم كما أن عدم مروره بقناة الولادة يحرمه من اكتساب بكتيريا نافعة تعزز من قوة جهازه المناعي مما قد يرفع من احتمالية إصابته بمشكلات مثل الحساسية والربو في مراحل لاحقة من حياته.
وتشمل المخاطر التي قد تتعرض لها الأم جراء الجراحة القيصرية احتمالية فقدان كميات كبيرة من الدم تفوق تلك التي تحدث في الولادة الطبيعية وهو ما قد يستدعي في بعض الحالات اللجوء إلى نقل الدم. كما أن التخدير المستخدم في العملية سواء كان كليا أو نصفيا قد يؤدي إلى مضاعفات جانبية مثل انخفاض ضغط الدم والشعور بالغثيان والمعاناة من صداع مزمن بعد الولادة. ولا يمكن إغفال خطر الإصابة بالعدوى حيث إن أي تدخل جراحي يفتح تجويف البطن يزيد من فرصة حدوث التهابات سواء في موضع الجرح أو في بطانة الرحم وهو ما يتطلب علاجا بالمضادات الحيوية.
من التبعات الأخرى للولادة القيصرية خطر تشكل الجلطات الدموية في الأطراف السفلية أو منطقة الحوض نتيجة قلة الحركة بعد الجراحة والتي قد تنتقل إلى الرئة مسببة مضاعفات خطيرة. وتحتاج الأم كذلك إلى فترة نقاهة أطول وأكثر إرهاقا مقارنة بالولادة الطبيعية وقد تستغرق أسابيع لاستعادة قدرتها على ممارسة أنشطتها اليومية بشكل كامل.
على المدى البعيد قد تعاني السيدة من تكون التصاقات داخل البطن وهي أنسجة ليفية تربط بين الأعضاء الداخلية كالأمعاء والمثانة والرحم مما يسبب آلاما مزمنة وقد يؤثر على الخصوبة مستقبلا. كما أن تكرار العمليات القيصرية يرفع من مخاطر الحمل اللاحق مثل احتمالية انفجار الرحم أو التصاق المشيمة بشكل غير طبيعي بجدار الرحم مما يؤدي إلى نزيف حاد. علاوة على ذلك فإن تجربة الولادة القيصرية المؤلمة وطول فترة التعافي قد تزيد من فرص إصابة الأم باكتئاب ما بعد الولادة.