تكشف أبحاث علمية حديثة أن مسار الشيخوخة لدى الأمهات قد يتسارع بوتيرة تفوق الآباء وهذا الفارق لا يقتصر على المظاهر الخارجية فحسب بل يمتد إلى عمق التغيرات البيولوجية على المستوى الخلوي مما يطرح تساؤلات حول الأثر العميق لتجربة الأمومة على صحة المرأة.
إن الضغوط النفسية والاجتماعية المصاحبة للأمومة تمثل عاملا أساسيا في هذه الظاهرة فالحرمان من النوم وتعدد المسؤوليات والإجهاد المزمن المرتبط برعاية الأطفال كلها عوامل تؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول الذي يثبت علميا أنه يسرع من وتيرة الشيخوخة الخلوية.
وتدعم دراسة من جامعة ييل هذه الفرضية حيث أظهرت أن النساء اللاتي يتحملن أعباء رعاية أكبر تظهر عليهن علامات التقدم في العمر بشكل أسرع مقارنة بالرجال مما يؤكد أن الضغط اليومي المستمر له تأثير جسدي ملموس يتجاوز الشعور بالإرهاق.
على الصعيد البيولوجي تعتبر فترة الحمل تجربة مكثفة يخضع فيها جسم المرأة لتحولات هرمونية ومناعية وجسدية هائلة ومع كل حمل إضافي تتراكم هذه التغيرات مما قد يساهم في تسريع عملية الشيخوخة مقارنة بالرجال الذين لا يمرون بهذه التجربة البيولوجية الفريدة.
وقد توصلت دراسة أجرتها كلية ميلمان للصحة العامة في جامعة كولومبيا ونشرت نتائجها في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم إلى أن كل تجربة حمل يمكن أن تضيف ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر إلى العمر البيولوجي للمرأة وهو ما يعزى إلى الإجهاد البدني والتغيرات الهرمونية المصاحبة للحمل والولادة.
ولا تتوقف التأثيرات عند هذا الحد فالتقلبات الهرمونية التي تحدث بعد الولادة تؤثر أيضا على توقيت انقطاع الطمث وهذا الأمر يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض مثل هشاشة العظام ومشكلات القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل.
ورغم أن الشيخوخة عملية طبيعية لا يمكن إيقافها إلا أن تبني نمط حياة صحي يمكن أن يبطئ من آثارها بشكل ملحوظ ويشمل ذلك الحصول على قسط كاف من النوم واتباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
ويشدد الباحثون على أهمية فهم هذه التحديات التي تواجه الأمهات وضرورة توفير الرعاية الصحية والنفسية المناسبة لهن فإدارة التوتر والحصول على الدعم النفسي والاجتماعي يساعدان الأمهات على الحفاظ على صحتهن وحيويتهن ويجعلان رحلة الأمومة أقل تأثيرا على سرعة تقدمهن في العمر.
