
تعتبر الكزبرة التي لا يكاد يخلو منها مطبخ إضافة مميزة للنكهة فقط بل هي صيدلية طبيعية متكاملة بفضل توفرها الدائم وسعرها الزهيد. هذا الكنز الأخضر يزخر بمركبات وعناصر غذائية حيوية تقدم حلولا وقائية وعلاجية لمجموعة واسعة من المشكلات الصحية المعاصرة من ضبط سكر الدم إلى حماية القلب وتقوية العظام.
تلعب الكزبرة دورا محوريا في تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية إذ تساهم مكوناتها النشطة في الحفاظ على ضغط الدم ضمن مستوياته الطبيعية. تشير الدراسات إلى أن استهلاكها يحفز تفاعل أيونات الكالسيوم مع مركب الكوليني لإنتاج الأستيل كولين الذي يساعد على إرخاء الأوعية الدموية المتوترة. هذا التأثير يقلل بشكل مباشر من خطر الإصابة بأمراض خطيرة مثل السكتات الدماغية والنوبات القلبية. علاوة على ذلك تعمل الأحماض المتعددة الموجودة في الكزبرة مثل حمض الأوليك واللينوليك والأسكوربيك على خفض مستويات الكوليسترول الضار في الدم بينما ترفع في الوقت نفسه مستوى الكوليسترول الجيد مما يمنع تراكم الترسبات على جدران الشرايين ويقي من تصلبها.
وفيما يخص صحة الجهاز الهضمي والكبد تقدم الكزبرة فوائد متعددة حيث تساعد أوراقها الغنية بالألياف والبروتين على تنظيم مستويات السكر في الدم مما يجعلها غذاء مثاليا للمساعدة في إدارة مرض السكري. كما أن شرب عصيرها مع بعض الإضافات الطبيعية كالليمون والعسل يساهم في التحكم بالشهية وتعزيز عملية فقدان الوزن. وتبرز فعاليتها أيضا في علاج اضطرابات المعدة فالزيوت الطيارة فيها مثل البورنيول واللينالول تمتلك خصائص مضادة للميكروبات والفطريات المسببة للإسهال وتساعد على تحسين عملية الهضم وتخفيف الغثيان والقيء. وتمتد هذه الفوائد لتشمل الكبد حيث تعمل مركبات القلويدات والفلافونويدات على علاج بعض أمراض الكبد مثل اليرقان ودعم وظائفه في التخلص من السموم عبر تحفيز عملية التبول.
لصحة العظام والوقاية من فقر الدم تعد الكزبرة مصدرا غنيا بالعناصر الأساسية فهي تحتوي على تركيزات عالية من الكالسيوم الضروري لنمو العظام والحفاظ على قوتها ومقاومتها للأمراض. كما يمنحها مركب السينول خصائص مضادة للالتهابات والروماتيزم مما يجعلها فعالة في تخفيف التورم المصاحب لالتهاب المفاصل وبعض أمراض الكلى. وتساهم هذه الخصائص في علاج أعراض هشاشة العظام. وبالانتقال إلى الدم فإن محتوى الكزبرة العالي من معدن الحديد يجعلها علاجا وقائيا فعالا ضد فقر الدم حيث يضمن إمداد الجسم بالحديد اللازم لمواجهة أعراض مثل التعب وضيق التنفس وتسارع ضربات القلب وتعزيز الطاقة والقوة بشكل عام.
تظهر الكزبرة كذلك قدرات وقائية مذهلة في مجالات أخرى فهي تدعم صحة الرؤية بفضل محتواها الغني من فيتامين أ وفيتامين سي وفيتامين هـ بالإضافة إلى مضادات الأكسدة من مجموعة الكاروتينات التي تحسن البصر وتحمي العين من التهاب الملتحمة والأمراض التنكسية المرتبطة بالتقدم في العمر. وبفضل خصائصها المضادة للهيستامين تعمل الكزبرة كعلاج طبيعي للحساسية الموسمية وحمى القش وتمنع تهيج الجلد والشرى. وفي الفم يعمل مكون السيترونيلول الموجود في زيتها كمطهر قوي يعالج القرحات ويمنع ظهورها كما أن خصائصها المضادة للميكروبات تقضي على رائحة الفم الكريهة مما يفسر استخدامها في بعض أنواع معاجين الأسنان.