
تواجه الأمهات تحديا كبيرا في التعامل مع بناتهن خلال فترة المراهقة التي تمثل مرحلة انتقالية مليئة بالتحولات النفسية والفكرية والعاطفية العميقة. هذه الفترة قد تفرض ضغوطا كبيرة على العلاقة بين الأم وابنتها مما يدفع الكثير من الأمهات للبحث عن طرق فعالة لتقوية الروابط وتجاوز الصعوبات بنجاح.
أوضح استشاري للصحة النفسية والعلاقات الأسرية أن بناء علاقة ذهبية ومتينة بين الأم والابنة المراهقة يرتكز على أسس ومبادئ محددة يمكنها أن تحدث فرقا حقيقيا. من أهم هذه الأسس تغيير أسلوب الحوار فالاستماع الصادق والكامل للابنة دون مقاطعتها أو تجهيز الردود مسبقا يجعلها تشعر بالتقدير والأهمية. كثيرا ما تحتاج المراهقة فقط إلى أذن صاغية لتفريغ ما بداخلها وليس بالضرورة للحصول على نصائح فورية.
من الضروري أيضا أن تتجنب الأم فتح سجلات الماضي واستدعاء الأخطاء السابقة أثناء أي خلاف حالي. فالمراهقة بطبيعتها تكره أن يتم تذكيرها بعيوبها باستمرار وإذا شعرت أنها تخضع لمحاكمة دائمة فقد يؤدي ذلك إلى انغلاقها عاطفيا وتجنبها للحوار. بدلا من ذلك يجب التركيز على المشكلة الحالية وإيجاد حلول لها.
ولتعزيز التقارب ينبغي على الأم أن تشارك ابنتها عالمها الخاص وأن تتحدث لغتها. يمكنها مشاهدة مقاطع الفيديو التي تحبها معها أو سؤالها عن نوع الموسيقى التي تفضلها أو حتى استشارتها في اختيار ملابسها. هذه التفاصيل الصغيرة تكسر الحواجز وتجعل الابنة تشعر باهتمام والدتها الحقيقي بعالمها وليس فقط بواجباتها المدرسية ومسؤولياتها.
يعد الاعتراف بالخطأ قوة وليس ضعفا. عندما تعترف الأم بأنها كانت مخطئة في رد فعلها أو غير منصفة في قرارها فإنها تعلم ابنتها ثقافة الاعتذار والشجاعة الأدبية. هذا السلوك يقوي من صورتها في عين ابنتها ويوفر بيئة من الأمان النفسي تشجع الابنة على الاعتراف بأخطائها هي الأخرى.
يجب أن يكون المنزل ملاذا آمنا وليس ساحة للتحقيق والاستجواب. تواجه المراهقة تحديات يومية وضغوطا نفسية في محيطها الاجتماعي والمدرسي بالإضافة إلى التغيرات الجسدية والعاطفية التي تمر بها. إذا لم تجد في بيتها الراحة والسكينة فستبحث عنها في مكان آخر. طريقة طرح الأسئلة تلعب دورا محوريا فبدلا من استخدام صيغة اتهامية مثل أين كنت ومع من ولماذا تأخرت يمكن للأم أن تبادر بسؤال دافئ مثل هل كان يومك جيدا أخبريني عن تفاصيله. هذا الأسلوب الإيجابي يفتح أبواب الحوار والتجاوب.
من المهم جدا أن تعلم الأم ابنتها كيف تقول لا بثقة ودون الشعور بالخجل أو الذنب. في هذه المرحلة العمرية تزداد الضغوط الخارجية من الأقران والمجتمع وتعليمها رفض أي شيء يخالف مبادئها وقناعاتها هو بمثابة تسليح لها لمواجهة الحياة.
احترام الخصوصية هو حجر الزاوية في بناء الثقة. إن التجسس على هاتف الابنة أو قراءة مذكراتها الخاصة يهدم جسور الثقة بينهما بشكل قد يصعب إصلاحه. إذا شعرت الأم بالقلق تجاه أمر ما فالطريق الأمثل هو المصارحة والحوار الهادئ وليس المراقبة السرية.
مشاركة الأم لبعض تجاربها السابقة وأخطائها التي تعلمت منها في سن المراهقة تجعلها أكثر قربا من ابنتها. هذا الأسلوب يشعر الفتاة بأن والدتها تتفهمها بعمق لأنها مرت بنفس المرحلة وليست مجرد سلطة عليا تصدر الأوامر.
أخيرا يجب التعبير عن الحب بشكل دائم ومستمر. تحتاج المراهقة إلى سماع كلمات مثل أنا أحبك حتى في أوقات الخلاف أو عندما ترتكب خطأ ما. هذا التأكيد المستمر على الحب غير المشروط يمنحها القوة والثقة بالنفس التي تحتاجها بشدة في هذه المرحلة الحاسمة من عمرها.