
في اكتشاف قد يمثل نقطة تحول لمرضى السكري من النوع الثاني كشف باحثون عن علاج مبتكر قد يغني الملايين عن استخدام حقن الأنسولين بشكل يومي. التقنية الجديدة التي أظهرت نتائج مبشرة في تجاربها الأولية تعتمد على آلية فريدة لإعادة ضبط قدرة الجسم على التعامل مع السكر في الدم مما يفتح أملا جديدا في السيطرة على هذا المرض المزمن.
تستهدف هذه الطريقة العلاجية بطانة الاثني عشر وهو الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة والذي يتأثر بشكل مباشر بالأنظمة الغذائية غير الصحية. فلدى مرضى السكري من النوع الثاني غالبا ما تصبح هذه البطانة أكثر سماكة بسبب استهلاك كميات كبيرة من الكربوهيدرات والدهون الأمر الذي يضعف استجابة الجسم الطبيعية لهرمون الأنسولين ويؤدي إلى ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم.
تعتمد آلية العلاج على استخدام البخار الساخن لتجديد خلايا هذه البطانة الحيوية وتحسين حساسيتها للأنسولين. يتم الإجراء من خلال منظار داخلي يُمرر عبره جهاز دقيق يشبه البالون يقوم بإطلاق دفعات قصيرة وموجهة من البخار الناتج عن ترددات الراديو أو سائل ساخن على جدار الاثني عشر. تستغرق كل دفقة حوالي ثلاث ثوان وتغطي مساحة تصل إلى ستين سنتيمترا من البطانة لتحاكي التأثير الإيجابي الذي تحدثه جراحات تحويل مسار المعدة في التحكم بنسبة السكر.
أكدت التجارب السريرية فعالية هذا الأسلوب العلاجي الواعد ففي تجربة أجريت بتشيلي باستخدام نسخة مطورة من التقنية تمكن جميع المرضى المشاركين وعددهم عشرون مريضا من التوقف تماما عن أخذ حقن الأنسولين بعد تسعة أشهر فقط من الإجراء مع استمرار بعضهم في تناول أدوية فموية.
وعلى نطاق أوسع أظهرت دراسة أوروبية برازيلية نتائج إيجابية للغاية حيث سجل انخفاض كبير في مستويات السكر لدى المشاركين بعد متابعة استمرت لعامين. ونجح أكثر من نصف المرضى الخاضعين للتجربة في تقليل جرعات أدويتهم المعتادة أو على الأقل الحفاظ عليها دون الحاجة لزيادتها.
تترجم هذه النتائج إحصائيا إلى تحسن ملموس في المؤشرات الحيوية للمرض فقد انخفض متوسط مستوى الهيموغلوبين السكري وهو مقياس التحكم في سكر الدم على المدى الطويل من 9.3% إلى 7.6% لدى المرضى وهي نسبة تقترب بشكل كبير من المعدل المثالي الذي يوصى به الأطباء وهو أقل من 6.5%.
يتميز هذا الإجراء ببساطته وسرعته حيث يستغرق تنفيذه حوالي نصف ساعة فقط ويمكن للمريض العودة إلى منزله بعد ساعتين من انتهائه. وتلتئم بطانة الاثني عشر وتتجدد خلاياها بالكامل خلال أربعة أسابيع دون تسجيل أي مضاعفات خطيرة حتى الآن.
وقد أعرب خبراء في المجال عن حماسهم الشديد لهذه التقنية الجديدة. وصرح الطبيب ريحان حيدري الذي قاد إحدى التجارب بأن النتائج مشجعة للغاية معربا عن أمله في إطلاق تجربة مماثلة في المملكة المتحدة خلال العام المقبل. كما أشار أرون ساها استشاري جراحة الجهاز الهضمي إلى أن هذه الطريقة قد تصبح أداة مهمة في مواجهة الأعداد المتزايدة من المصابين بمرض السكري من النوع الثاني حول العالم.