ارتفاع وتيرة الزلازل في إثيوبيا بعد بناء سد النهضة

ارتفاع وتيرة الزلازل في إثيوبيا بعد بناء سد النهضة

توالت الهزات الأرضية القوية بالقرب من بركان فنتالي، ما يثير المزيد من المخاوف من ثوران بركاني، في إثيوبيا.

وأشارت مراسلة صحيفة “ووتشرز”، ريشيكا ياداف، في أديس أبابا، إلى تسجيل سلسلة من الزلازل خلال الأيام الأخيرة بالقرب من بركان فنتالي في منطقة الصدع الإثيوبي الرئيسي في إثيوبيا، مما أثار مخاوف من ثوران بركاني محتمل، وكان آخر ثوران لهذا البركان حدث في عام 1820.

ونشرت الصحيفة مجموعة من صور القمر الصناعي ثلاثية الأبعاد لبركان فنتالي في إثيوبيا توضح تسجيل زلزال وقع يوم السبت الموافق 28 ديسمبر 2024.

كما نشرت خريطة توضح النشاط الزلزالي الأخير بالقرب من بركان فنتالي في منطقة الصدع الإثيوبي الرئيسي في إثيوبيا، والتي تم تسجيلها بين 29 ديسمبر و30 ديسمبر، وكانت أحدث الزلازل قد سجلت فجر اليوم الثلاثاء.

وازداد النشاط الزلزالي حول بركان فنتالي في إثيوبيا على مدار اليومين الماضيين مع وقوع زلازل متعددة تتراوح قوتها من 4.3 إلى 5.1 درجة على مقياس ريختر.

ووقع أكبر زلزال في الساعة 22:20 بالتوقيت العالمي المنسق في 29 ديسمبر وبلغت قوته 5.1 درجة وكان مركزه على بعد حوالي 46 كم (28 ميلًا) شمال ميتاهارا و119 كم (74 ميلًا) شمال شرق نازرت.

وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، ازداد النشاط الزلزالي في منطقة أواش بشكل كبير. 

وأشار عالم البراكين توم فايفر بمجلة VolcanoDiscovery إلى أن العدد الحقيقي للزلازل غير معروف حيث لا توجد شبكة زلزالية (أو على الأقل غير متاحة للجمهور) تغطي المنطقة ولا يمكن تحديد سوى أكبر الأحداث على الشبكات العالمية.

ووقع الزلزال على عمق 10 كم (6.2 ميل) وشعر به على نطاق واسع في المنطقة بما في ذلك العاصمة أديس أبابا، وضرب الزلزال الأخير بقوة 4.7 درجة في الساعة 07:42 بالتوقيت العالمي المنسق في 30 ديسمبر على بعد حوالي 23 كم (14 ميل) جنوب شرق ميتاهارا. نشأ على عمق 10 كم (6.2 ميل) مثل الهزات السابقة.

ولفتت الصحيفة إلى أن خطر حدوث ثوران بركاني جديد في هذا الجزء من الصدع الأفريقي أصبح الآن أعلى من ذي قبل، لأن السبب الأكثر ترجيحًا للزلازل هو تسلل الصهارة، والذي بدوره يمكن أن يكسر السطح بسهولة وينتج ثورانًا، وفقا للبروفيسور فايفر، الذي حث السكان في المنطقة على توخي الحذر.

وأبلغ السكان في المدن القريبة عن هزات أرضية طوال الليل مما يشير إلى احتمال حدوث العديد من الزلازل الأصغر حجمًا التي لا يمكن اكتشافها بواسطة شبكات الزلازل العالمية، ويُعتقد أن النشاط الزلزالي المتزايد مرتبط بتسلل الصهارة الضحلة تحت بركان فنتالي. يمكن أن يؤدي التسلل إلى خرق السطح وإحداث ثوران بركاني.

وحذر الخبراء من أن المجتمعات البشرية داخل المنطقة المتضررة يجب أن تظل على يقظة وقد شهدت المناطق المركزية أكثر من 7 هزات أرضية خلال ساعات الليل مما يشير إلى أن العدد الفعلي للزلازل قد يكون أعلى من تلك المسجلة.

وأعلن فريق من هيئة المسح الجيولوجي المحلية التي تجري رحلة استكشافية في المنطقة عن شعوره بهزات أرضية متعددة في بلدة أواش الواقعة بالقرب من مركز الزلزال. 

ويتوافق النشاط مع السلوك التاريخي لبركان فنتالي الذي ثار آخر مرة في عام 1820 م وأنتج تدفقات من الحمم البازلتية من شق على جانبه الجنوبي.

ويقع بركان فنتالي في الطرف الشمالي من الصدع الإثيوبي الرئيسي وهي منطقة نشطة تكتونيًا تشكلت بواسطة نظام الصدع في شرق إفريقيا.

تجدر الإشارة إلى أن الزلازل التي رصدتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بالقرب من بركان فنتالي، تؤكد أن نظام الصدع يتميز بالزلازل المتكررة والنشاط البركاني بسبب انفصال صفيحتي النوبة والصومال وتحدث الزلازل في هذه المنطقة على أعماق ضحلة تقل عن 25 كم (15.5 ميل) وغالبًا ما ترتبط بالعمليات البركانية.

ويتضمن التاريخ الجيولوجي لبركان فنتالي تكوين كالديرا الجيولوجي المعروف بطول 2.5 × 4.5 كم (1.6 × 2.8 ميل) بجدران شديدة الانحدار تشير إلى قمتها، وتتميز أرضية كالديرا بتدفقات الحمم البركانية التي تشير إلى النشاط البركاني المستمر على مدى آلاف السنين. 

كانت أحدث الانفجارات في المنطقة ذات تركيبة ريوليتية وتراكيتية أنتجت تدفقات الحمم البركانية ورواسب الرماد.

وتعد المنطقة المتضررة موطنًا لأكثر من 3.4 مليون شخص في دائرة نصف قطرها 100 كيلومتر (62 ميلًا) من بركان فنتالي. المدن القريبة، بما في ذلك ميتاهارا (يبلغ عدد سكانها 23400 نسمة) وأواش (يبلغ عدد سكانها 11400 نسمة) معرضة للخطر.

 تسبب النشاط الزلزالي في إثارة الذعر بين السكان على الرغم من عدم الإبلاغ عن أي أضرار أو إصابات حتى الآن.

وأصدرت السلطات ووكالات المراقبة تحذيرات تحث السكان على الاستعداد لعمليات الإخلاء المحتملة إذا اشتدت حدة النشاط البركاني. 

وحذرت الصحيفة من أن عدم وجود  شبكة رصد زلزالية محلية يعقد الجهود المبذولة لمراقبة الوضع بدقة ولكن البيانات الزلزالية العالمية وصور الأقمار الصناعية توفر رؤى حاسمة حول التهديد المتطور.

ويعد نظام صدع شرق إفريقيا، EARS، الذي يمتد على مسافة 3000 كيلومتر (1864 ميلًا) هو الصدع القاري الأكثر بروزًا في العالم. 

يشمل النظام البراكين النشطة والصدوع الطبيعية والزلازل الناجمة عن تباعد الصفائح التكتونية. 

في الصدع الإثيوبي، غالبًا ما ترتبط الأحداث الزلزالية بحركة الصهارة داخل القشرة مما يؤدي إلى الزلازل التكتونية والبركانية التكتونية.

وتشمل الأحداث الماضية في المنطقة مجموعة متوالية من الزلازل سجلت في عام 1989 في تقاطع عفار الثلاثي والذي تضمن 25 زلزالًا بقوة أكبر من 4.2 درجة على مقياس ريختر على مدار فترة 48 ساعة.

ويتضمن تاريخ ثوران بركان فنتالي ثورانين مؤكدين يعودان إلى العصر الهولوسيني وقد تضمن أحدث ثوران في عام 1820 م تدفقات من الحمم البازلتية من شق يبلغ طوله 4 كم (2.5 ميل)، في حين أنتج ثوران سابق حوالي عام 1250 م تدفقات ريوليتية واسعة النطاق. وتصف الروايات التاريخية تدمير بلدة وكنيسة حبشية أثناء ثوران القرن الثالث عشر.

إثيوبيا تشهد أعلى نشاط زلزالي منذ 10 سنوات

وأكدت صحيفة بوركينا أن إثيوبيا تشهد أعلى نشاط زلزالي منذ 10 سنوات، وقد ضرب زلزال آخر منطقة أواش فنتالي في منطقة عفار بإثيوبيا. كان حدثًا متكررًا بدأ يوم الأحد بعد الظهر وحتى صباح اليوم الثلاثاء.

لم يتم الإبلاغ عن أي خسائر حتى الآن على الرغم من وجود أضرار في الممتلكات لم يتم تحديد تقديراتها، وبلغت قوة الزلزال 5.1 درجة على مقياس ريختر، وقبل هذا الزلزال، كان هناك زلزالان آخران في وقت سابق من هذا الأسبوع، ويتسبب الزلزال أيضًا في حدوث صدع في بعض المناطق بالقرب من فنتالي. 

قال مسفين أريجا، أحد سكان بلدة ميتيهارا، لخدمة دويتش فيله الألمانية للغة االأمهرية، DW Amharic، في منطقة ساموري عفار التي تقع في الجزء الخلفي من جبل فنتالي، يحدث صدع. تتسع الشقوق الناجمة عن الصدع والوادي”.

وقال عبدو محمد، أحد سكان أواش – الكيلو 7، إن السكان قلقون بشأن الزلزال المستمر في المنطقة، وتابع:  “أمس واليوم كان هناك زلزال قوي والآن يقوم الناس بإخلاء مساكنهم”.

وأضاف أن الطرق الإسفلتية في أميبارا وميلكاورير وسابوري ودويوا تعاني من الصدوع والتشققات، مضيفًا أن الجميع في حالة ترقب وقلق شديدين، وبسبب طبيعة الاهتزاز العالية ينامون خارج منازلهم، ويطالب السكان الحكومة بإيلاء الاهتمام الواجب للتطوير وإجراء الدراسة وتقديم التدابير الاحترازية.

وشارك السكان ملاحظات حول السلاسل الجبلية القريبة. وقالوا: “كان جبل دوفان المرتبط بفنتالي يعاني من زلزال شديد” ويقولون إنه يجب إخلاء المجتمعات القريبة منه، ونقلت صحيفة بوركينا عن البروفيسور أتالاي أيلي – الباحث في قسم الجيوفيزياء وعلوم الفضاء والفلك بجامعة أديس أبابا – قوله إن الصدمة الناجمة عن الزلزال شعر بها في العاصمة أديس أبابا التي تبعد أكثر من 216 كيلومترًا عن الموقع.

ونقلت إذاعة صوت أمريكا الأمهرية عن مكتب الزراعة والوقاية من الكوارث في أواش فنتالي قوله إنه بدأ في نقل السكان من المنطقة من أجل السلامة، وكانت هناك زلازل متكررة في المنطقة في سبتمبر وأكتوبر من العام 2024، وكانت قوتها على مقياس ريختر أقل مقارنة بالزلزال الذي تم رصده يوم الأحد الماضي.

وأكد خبراء  الجيولوجيا وقوع عدد  من الزلازل في إثيوبيا منذ يوم الخميس الماضي، كان أولها بقوة 4.5 درجة وعمق 10 كم، في وادي الصدع الإثيوبي، على بعد 150 كم شرق أديس أبابا و600 كم من سد النهضة الإثيوبي، أي أن الأسبوع الماضي فقط شهد  وقوع 3 زلالزل، بعد زلزالين في 21 و23 ديسمبر 2024، في نفس الموقع بقوة 4.4 و4.6 على الترتيب.

وبهذا يرتفع إجمالي عدد الزلازل في إثيوبيا والمناطق المحيطة بها هذا العام إلى 41 زلزالًا بقوة 4 درجات أو أكثر، بخلاف زلزال الأمس وزلزال اليوم الثلاثاء، وكان أقواها زلزال بقوة 5.2 درجة في 6 أكتوبر، مسجلًا أعلى رقم خلال السنوات العشر الماضية. 

وقبل بدء ملء سد النهضة في عام 2020، كان المتوسط حوالي 5 زلازل سنويًا، وفي عام 2023، وصل إلى 38 زلزالًا.

وفي الأثناء، يحجز سد النهضة في الوقت الحالي نحو 60 مليار متر مكعب أي ما يعادل 60 مليار طن، وهو ما يشكل ثقلا كبيرا على القشرة الأرضية الهشة جيولوجيًا في إثيوبيا بسبب وجود الوادي المتصدع الأفريقي الذي يقسم البلاد إلى نصفين، مما يجعل المنطقة من أكثر المناطق عرضة للزلازل والبراكين في أفريقيا.
 

close