
يُعتبر نجم سهيل من الظواهر الفلكية التي حظيت باهتمام واسع في الثقافة العربية، نظراً لما يحمله من دلالات عند ظهوره في السماء، إذ يرتبط ظهوره بعدة مؤشرات طبيعية كان العرب على مر العصور يعتمدونها في حياتهم اليومية ومواسمهم الزراعية. ويشير المتخصص في المناخ الدكتور عبدالله المسند إلى الدور البارز الذي يلعبه نجم سهيل في التقويم الفلكي وتغير الأحوال الجوية بالمنطقة.
مع بزوغ سهيل في السماء الجنوبية في 24 أغسطس يشرع العرب بمتابعة علاماته، حيث يرتبط ظهوره ببدء انخفاض درجات الحرارة تدريجياً ويُعد هذا التوقيت إيذاناً بقرب انتهاء موسم الصيف الطويل وشدته، حيث تتغير الأجواء نحو الاعتدال ويبدأ موسم الوسم الذي يشتهر بهطول الأمطار اعتباراً من منتصف شهر أكتوبر. كما أن العرب ربطوا مواسم السنة الفلكية بظاهرة طلوع النجوم فجعلوا نهاية صيفهم عند طلوع سهيل بعد أن يبدأ مع ظهور الثريا في السابع من يونيو.
ومن المؤشرات التي يُرتقبها المزارعون وأهل البادية نضج التمر، ففي فترة ظهور سهيل يكتمل نضوج غالبية أصناف التمور وتنتشر في الأسواق، حتى اشتهر بينهم القول عند طلوع سهيل بأن التمر يمكن لمسه ليلاً كناية عن استوائه. ويلفت الدكتور المسند إلى أن هذه العلامات لم تقتصر فقط على التغيرات المناخية، بل تشمل أيضاً بداية تشكل السحب وعودة الأمطار بعد فترة جفاف وتصاعد الرطوبة في طبقات الجو العليا.
ويذكر المسند أن لسهيل مكانة كبيرة في التراث الفلكي للعرب، إذ أطلقوا عليه لقب البشير اليماني، واستخدموه لتحديد بداية السنة عندهم، وجعلوا العد منذ طلوعه حتى اكتمال 365 يوماً، ما أدى إلى تسمية السنة بالسنة السهيلية. كما أن لمعان سهيل الواضح في الأفق الجنوبي حولته العرب إلى علامة مهمة يهتدون بها خلال السفر والتنقل عبر الصحارى، إذ لا يختلط سهيل بالنجوم الأخرى ويسهل تمييزه ليلاً.
بهذا يظهر كيف ظل نجم سهيل علامة فارقة في معرفة المواسم وتغير الفصول وتوجيه الأنشطة الزراعية وحساب أعوام العرب قديماً، محتفظاً إلى اليوم بقيمته الثقافية والفلكية لدى المجتمعات العربية.