
دعا إماما المسجد الحرام والمسجد النبوي المسلمين في خطبتي الجمعة إلى تعزيز تقوى الله والتمسك بطاعته في جميع الأحوال، كما شددا على أهمية الرضا بقضاء الله وقدره، والاجتهاد في عبادة الله وتحصيل العلم، خاصة مع بداية العام الدراسي الجديد. وحثّا على اغتنام مواسم العبادة، والصبر على المشقات كحر الصيف، والاستفادة من النعم التي أتاحها الله للإنسان في حياته اليومية والدينية.
وتحدث الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة، عن أن كل ما يجري في هذا الكون من أحداث وتقلبات يكون بمشيئة الله وحكمته. وبيّن في خطبته أن الليل والنهار وتغير الأجواء من حر وبرد ورياح وأمطار، جميعها من دلائل قدرة الله وأعلام على عظمته وسعة علمه ورحمته. أشار إلى أن الحياة الدنيا ليست مستقراً دائماً بل هي دار ابتلاء، مذكراً بضرورة استلهام العبر من شدة حرارة الصيف التي تذكر بحر جهنم ويوم المحشر، مؤكداً أن كل ما يصيب الإنسان من عناء وإجهاد مدوّن عند الله ليُكفَّر به عن السيئات وترتفع به الدرجات.
وشدد الشيخ بليلة على أن المشقة في العبادة واحتساب الأجر فيها سبب لمضاعفة الأجر والثواب، وأن الله شرع للناس لعباداتهم ما يكون في حدود طاقتهم دون تعسير، واستشهد بحديث النبي عن تأخير الصلاة عند شدة الحر كتيسير من الله على عباده. وأكد أن المبادرة لأداء العبادات أفضل، لكن التأجيل يكون جائزاً عند وجود المشقة، ومثال ذلك تأجيل صيام القضاء لمن لم يستطع في الحر الشديد. ونبّه إلى أن إظهار الضيق أو الاعتراض بسبب شدة الحر أو غيرها من أحوال الدنيا يعد نقصاً في الرضا بقضاء الله، مطالباً الجميع بحفظ قلوبهم وألسنتهم وتحقيق الرضا والتسليم لتشريعات الله وسننه الكونية.
أما الخطبة الثانية التي ألقاها إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله البعيجان، فقد ركز فيها على الاستعداد للعام الدراسي الجديد بالجد والعمل وتحمل المسؤولية. وقال إن العلم صفة من صفات الكمال الإلهي، حيث علم الله الإنسان وأمره بالقراءة والتعلم، وأكد أن العلم من أعظم النعم التي تسمو بها الأمم ويعد من أفضل الطاعات والقربات إلى الله. كما أشار إلى أن الشريعة الإسلامية والقرآن يحثان على طلب العلم، مذكراً بآيات وأحاديث تؤكد علو مكانة العلماء وضرورة سؤالهم والرجوع إليهم في المسائل الشرعية.
كما أوضح الشيخ البعيجان أن العلم يحيي القلوب، وطلب العلم قربة عظيمة بل هو أسمى من الحاجات المادية، ولم يعد هناك عذر لأي شخص في ترك المعرفة بتحصيل وسائل العلم المتاحة. وبيّن أن مسؤولية التعليم تقع على المعلمين الذين يجب عليهم بذل الجهد والنصح والتوجيه، كما أن للأباء دوراً في مراقبة ومتابعة أبنائهم دراسياً، والمساهمة في توفير سبل نجاحهم، مستشهداً بحديث النبي عن استمرار الأجر بعد الوفاة عبر العلم النافع والعمل الصالح والذرية الصالحة.
وفي الختام، ركزت الخطب على أهمية الصبر والتوجه للطاعات في كافة الظروف، والتأكيد على أن الرضا بقضاء الله من تمام التوحيد، إلى جانب العناية بالعلم كرافعة للفرد والمجتمع.