الذكاء الاصطناعي يغيّر الخداع الرقمي ويحدث تحولًا في تقنيات العلاج النفسي

الذكاء الاصطناعي يغيّر الخداع الرقمي ويحدث تحولًا في تقنيات العلاج النفسي
الذكاء الاصطناعي يغيّر الخداع الرقمي ويحدث تحولًا في تقنيات العلاج النفسي

تتسارع وتيرة التحولات في الفضاء الرقمي مع تزايد قوة الذكاء الاصطناعي، حيث لم تعد روبوتات الدردشة تقتصر على أداء أدوارها التقليدية بشكل محدود، بل شهدت قفزة كبيرة باتجاه محاكاة السلوك البشري بشكل متقن حتى أصبح من الصعب أحياناً التمييز بين الروبوتات والمستخدمين الحقيقيين. ويتضح هذا بشكل خاص في منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستاجرام وإكس، إذ تبرز هذه الروبوتات اليوم بقدرات غير مسبوقة على التفاعل والتواصل بشكل طبيعي، ما ينذر بتحولات تجعل من الصعب تحديد الحقيقة في عالم الإنترنت خلال المستقبل القريب.

ظهرت موجة جديدة من الذكاء الاصطناعي التوليدي تدفع بروبوتات الدردشة إلى مستويات متقدمة من الخداع، إذ لا تكتفي هذه الأنظمة بإنشاء محتوى مبرمج بل تتفاعل مع المستخدمين عبر ترك إعجابات أو الرد على المنشورات أو صياغة تعليقات بنبرة واقعية. وقد أصبحت تلك الروبوتات قادرة على تحليل سلوك المستخدمين وعاداتهم الرقمية ومشاعرهم لتكوين ملفات تعريف نفسية دقيقة، مما يزيد من صعوبة التفرقة بين التفاعل الآلي والبشري.

ويحذر خبراء الأمن الرقمي مثل بريت جولدستين وبريت بنسون من تنامي مخاطر التزييف الرقمي بشكل لافت. ووفقاً لما كشفته وثائق معهد الأمن القومي في جامعة فاندربيلت وأوردته مقالات بصحيفة نيويورك تايمز، صارت هناك شركات متخصصة مثل GoLaxy توظف شبكات واسعة من روبوتات الدردشة المدعومة بأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي. تقوم هذه الروبوتات بجمع كميات ضخمة ومتجددة من المعلومات الشخصية للمستخدمين بهدف بناء ملفات تعريف نفسية يتم استخدامها لتخصيص الرسائل والمحتوى بناء على القيم والاهتمامات وحتى نقاط الضعف لدى كل شخص. وتشير الوثائق إلى أن GoLaxy استخدمت تقنياتها بالفعل في مناطق مثل هونج كونج وتايوان مع خطط للتوسع نحو الولايات المتحدة، كما طورت شخصيات افتراضية تستطيع تقليد التفاعل البشري بشكل يجعل اكتشافها أمرا شبه مستحيل.

ولا يقتصر تأثير هذه الروبوتات على حملات التلاعب الإعلامي أو توجيه الرأي العام خلال الانتخابات، بل يمتد أيضاً إلى الصحة النفسية للأفراد. فبحسب دراسة من مجلة هارفارد بزنس ريفيو، يعد العلاج والمرافقة من الاستخدامات الرئيسية المبكرة للذكاء الاصطناعي التوليدي، لما يوفره من دعم غير مكلف على مدار اليوم، دون أخطار الحكم الاجتماعي. مع ذلك، أفاد بعض الباحثين والخبراء عن ظهور مشكلات خطيرة مثل نشوء علاقات عاطفية غير صحية مع روبوتات الدردشة الرقمية أو انتشار نصائح غير دقيقة من تلك الأنظمة، خاصة في المواقف الحساسة. وقد رصدت صحيفة وول ستريت جورنال، خلال تحليل لعشرات آلاف المحادثات مع روبوتات مثل ChatGPT، وجود حالات قدمت خلالها هذه الروبوتات معلومات غير صحيحة أو أوهاماً خارقة للطبيعة صدقها بعض المستخدمين، ما دفع مختصين لصياغة مصطلحات مثل ذهان الذكاء الاصطناعي أو وهم الذكاء الاصطناعي.

وفي ظل هذه التحديات، لابد من التحلي بدرجة عالية من الوعي الرقمي عند استخدام منصات الإنترنت، وعدم التسليم بأن جميع الحسابات أو المحتويات حقيقية أو صادرة عن جهات موثوقة. كما ينبغي توخي الحذر عند التعامل مع الرسائل أو المنشورات المخصصة بشكل مبالغ فيه، وعدم التردد في التحقق من المصادر والمعلومات التي يتم تداولها. يتطلب الوضع الراهن تطوير مهارات المستخدمين في التفرقة بين الحقيقي والمزيف لمواجهة التقنيات المتطورة التي تعزز فرص الخداع الرقمي.