الحزن خطر صامت يدمر صحة الجسم والعقل دون أن تشعر بذلك

الحزن خطر صامت يدمر صحة الجسم والعقل دون أن تشعر بذلك
الحزن خطر صامت يدمر صحة الجسم والعقل دون أن تشعر بذلك

لا يقتصر الحزن العميق على كونه مجرد شعور إنساني عابر يسيطر على النفس بعد مواجهة الفقد والخسارة بل يتجاوز هذا الأثر النفسي ليتحول إلى حالة من الإجهاد الشديد التي تترك بصمات واضحة وخطيرة على صحة الجسد والعقل وتظهر الأبحاث الطبية أن هذه المشاعر قد تسبب مشاكل صحية واسعة النطاق.

يتضاعف خطر الإصابة بالنوبات القلبية بشكل لافت في اليوم الأول لفقدان شخص عزيز ورغم أن هذا الخطر يتناقص تدريجيا بعد مرور الأسبوع الأول فإنه يظل مرتفعا عن المعدل الطبيعي طوال الشهر الأول مما يستدعي الانتباه الشديد لأعراض مثل آلام الصدر والتعرق البارد والغثيان والدوار.

في حالات نادرة يمكن أن تؤدي الصدمات العاطفية الحادة مثل الفقدان المفاجئ إلى حالة تعرف بمتلازمة القلب المنكسر حيث تتسبب هرمونات التوتر في ألم حاد بالصدر وصعوبة في التنفس تشبه أعراض النوبة القلبية لكنها لا تسبب ضررا دائما لعضلة القلب في معظم الحالات ويتعافى المصابون بها خلال أيام أو أسابيع.

يؤدي الحزن الشديد أيضا إلى تسارع معدل ضربات القلب لفترة قد تمتد إلى ستة أشهر متواصلة وهذا الارتفاع المستمر يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب على المدى الطويل خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية سابقة.

يؤدي الحزن إلى إطلاق كميات كبيرة من هرمون الكورتيزول المعروف بهرمون التوتر وتكشف الدراسات أن مستوياته ترتفع بشكل ملحوظ في الأشهر التي تعقب الفقدان ويساهم ارتفاع هذا الهرمون لفترات طويلة في زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.

كما يحفز الحزن استجابة التهابية في الجسم حيث يفرز الجهاز المناعي مواد تسبب تورما في الأنسجة ويعتقد أن هذه الحالة ترتبط بتطور أمراض خطيرة مثل التهاب المفاصل والسكري وأمراض القلب وربما السرطان وتشير بعض الدراسات إلى أن شدة الالتهاب تتناسب طرديا مع عمق الحزن ويمكن للتغذية الصحية وممارسة الرياضة أن تساعد في السيطرة على هذا الالتهاب.

تؤكد الأدلة العلمية أن الحزن طويل الأمد يضعف قدرة الجهاز المناعي على مقاومة الأمراض والعدوى مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالالتهابات المختلفة ويستنزف الحزن طاقة الجسم بشكل هائل مما يؤدي إلى شعور دائم بالإرهاق والإعياء.

لمواجهة هذا الإرهاق ينصح بالحفاظ على تغذية كافية حتى مع انعدام الشهية وممارسة نشاط بدني بسيط كالمشي كما أن التواصل مع المقربين أو طلب الدعم النفسي المتخصص يمكن أن يخفف العبء ويعزز الشعور بالانتماء.

يؤثر الحزن كذلك على الجهاز الهضمي فقد يسبب اضطرابا في عادات الأكل سواء بالإفراط في الطعام أو الامتناع عنه كما تسبب هرمونات التوتر مشاكل هضمية كالغثيان والتقلصات والإسهال والإمساك وقد تصل إلى تفاقم أعراض متلازمة القولون العصبي.

يزيد الحزن أيضا من الإحساس بالآلام الجسدية المختلفة مثل أوجاع المفاصل والظهر والصداع ويعود ذلك بشكل جزئي إلى توتر العضلات المستمر الناتج عن هرمونات التوتر وعادة ما تتحسن هذه الآلام مع مرور الوقت.

يعتبر النوم من أكثر جوانب الحياة تأثرا بالحزن فقد يواجه الشخص صعوبة بالغة في الخلود للنوم أو يعاني من الاستيقاظ المتكرر ليلا بينما قد يلجأ آخرون إلى الإفراط في النوم كنوع من الهروب من الواقع ويمكن تحسين جودة النوم عبر اتباع روتين ثابت وممارسة أنشطة تساعد على الاسترخاء قبل النوم مثل القراءة أو أخذ حمام دافئ.