
يسلط خبراء الضوء على دور محتمل لبعض الفيروسات الشائعة في تحفيز ظهور داء السكري من النوع الأول وهو حالة مرضية معقدة تنشأ عندما يهاجم جهاز المناعة في الجسم خلايا البنكرياس المسؤولة عن إنتاج الأنسولين مما يؤدي إلى تدميرها. وعلى عكس النوع الثاني من السكري الذي ترتبط أسبابه بنمط الحياة ويمكن الوقاية منه فإن العامل الدقيق وراء النوع الأول لا يزال غامضا لكن الأدلة العلمية تتجه نحو تحديد عوامل بيئية معينة مثل العدوى الفيروسية كمحفزات محتملة.
لوحظ خلال فترة جائحة كوفيد-19 ارتفاع في تشخيص حالات السكري من النوع الأول خصوصا بين الأطفال والمراهقين وقد طرحت بعض الدراسات الأولية فرضية أن فيروس كورونا المستجد قد يلحق ضررا مباشرا بخلايا البنكرياس. غير أن هذه النتائج لا تزال غير حاسمة وتتطلب المزيد من الأبحاث المعمقة لتأكيد العلاقة السببية المباشرة بين الفيروس وتطور المرض حيث تتباين النتائج البحثية بشكل كبير في هذا الشأن.
تعتبر الفيروسات المعوية من بين المسببات المرضية المنتشرة على نطاق واسع بين فئة الأطفال والمراهقين وعادة ما تسبب التهابات طفيفة في الجهاز التنفسي. لكن الأبحاث العلمية كشفت أن الإصابات طويلة الأمد بهذه الفيروسات قد تزيد من احتمالية تطور داء السكري من النوع الأول خصوصا لدى الأطفال الذين لديهم استعداد وراثي أو تاريخ عائلي للمرض.
بالمثل يأتي فيروس الروتا الذي يصيب غالبية الأطفال قبل بلوغهم سن الخامسة ضمن دائرة الاهتمام. وقد أشارت دراسة أمريكية ضخمة شملت ما يزيد على 1.4 مليون طفل إلى أن الحصول على اللقاح المضاد لهذا الفيروس قد يساهم في تقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع الأول بنسبة تصل إلى 33%. ورغم هذه النتيجة الواعدة فإن دراسات أخرى أجريت في دول مختلفة لم تتوصل إلى النتائج ذاتها مما يجعل الصورة الكاملة للعلاقة بين اللقاح والمرض متباينة.
كما يُعتقد أن فيروس إبشتاين بار الذي ينتشر بشكل شائع بين المراهقين والشباب مسببا ما يعرف بالحمى الغدية قد يلعب دورا في هذه العملية. وتشير الفرضيات البحثية إلى أن هذا الفيروس قد يعمل على تحفيز الجهاز المناعي بطريقة خاطئة تدفعه إلى مهاجمة الخلايا المنتجة للأنسولين. ومع ذلك لا يوجد حتى الآن دليل قاطع يثبت أن فيروس إبشتاين بار يسبب بشكل مباشر الإصابة بداء السكري من النوع الأول.