
أصبح معجون الأسنان مكونا أساسيا في حياة الأفراد اليومية للعناية بنظافة الفم والوقاية من التسوس ولكن تحذيرات طبية حديثة سلطت الضوء على وجود مكونات كيميائية في بعض الأنواع قد تحمل مخاطر صحية غير متوقعة تتجاوز الفم لتصل إلى الجهاز العصبي وتؤثر على وظائف الدماغ الحيوية.
أشارت مصادر طبية إلى أن مادة التريكلوسان وهي مركب كيميائي شائع في بعض منتجات العناية الشخصية قد تشكل تهديدا للصحة العصبية عند استخدامها بشكل مستمر. ورغم فاعلية هذه المادة في القضاء على البكتيريا والفطريات إلا أن الأبحاث الحديثة تربط بينها وبين تأثيرات سلبية تطال الذاكرة والتركيز وتحدث خللا في الهرمونات الدماغية.
يُستخدم التريكلوسان منذ عقود طويلة كمادة مضادة للميكروبات في منتجات متنوعة تشمل الصابون ومزيلات العرق ومعاجين الأسنان حيث تتمثل وظيفته الرئيسية في قتل البكتيريا التي تسبب تسوس الأسنان ورائحة الفم غير المرغوب فيها. لكن المشكلة تكمن في أن هذا المركب لا يفرق بين البكتيريا الضارة والنافعة مما يؤدي مع الاستخدام المتكرر إلى إخلال بالتوازن الميكروبي الطبيعي في الفم الأمر الذي قد يضعف خطوط الدفاع المناعية الفموية.
تتجاوز المخاطر المحتملة حدود الفم إذ تشير دراسات علمية إلى أن الجسم يمكنه امتصاص التريكلوسان عبر الأغشية المخاطية الرقيقة لينتقل بعدها إلى مجرى الدم ويصل إلى أعضاء حيوية مختلفة من بينها الدماغ. يثير التعرض المزمن لهذه المادة قلق الباحثين بسبب احتمالية تسببه في زيادة الإجهاد التأكسدي الذي يضر بالخلايا العصبية ويؤدي إلى تغييرات في كيمياء المخ.
هناك أدلة متزايدة على أن التريكلوسان قد يعمل كعامل معطل للغدد الصماء مما يعني أنه قد يتداخل مع وظائف الهرمونات في الجسم. ويشمل هذا التأثير الغدة الدرقية المسؤولة عن تنظيم الطاقة والمزاج العام بالإضافة إلى هرمونات دماغية رئيسية مثل السيروتونين والدوبامين التي يلعب توازنها دورا حاسما في الصحة النفسية والوقاية من الاكتئاب.
يعتبر الأطفال والمراهقون من الفئات الأكثر عرضة للخطر نظرا لأن أدمغتهم لا تزال في مرحلة النمو والتطور مما يجعلها أكثر حساسية للتأثيرات الكيميائية الخارجية. كما تُنصح النساء الحوامل بتوخي الحذر بسبب خطر انتقال المركب إلى الجنين. وبالمثل يزداد الخطر لدى الأشخاص الذين يفرطون في استخدام معجون الأسنان المحتوي على هذه المادة أكثر من المعدل اليومي الموصى به.
ولتجنب هذه المخاطر ينصح الخبراء المستهلكين بالتحول نحو بدائل أكثر أمانًا من خلال قراءة ملصقات المكونات بعناية واختيار المنتجات التي يُكتب عليها صراحة أنها خالية من التريكلوسان. وتتوفر في الأسواق معاجين أسنان تعتمد على مكونات طبيعية فعالة مثل زيت النعناع والكربون النشط وبيكربونات الصوديوم. ومن المهم أيضا عدم الاعتماد الكلي على المنتجات ذات الخواص المضادة للبكتيريا بشكل يومي فوجود بعض أنواع البكتيريا ضروري للحفاظ على صحة الجسم.