
يواجه الكثير من الأشخاص خاصة النساء تحديا كبيرا في رحلة إنقاص الوزن فرغم الالتزام بأنظمة غذائية قاسية وبذل مجهود كبير قد يتفاجأ البعض بثبات أوزانهم أو حتى زيادتها مما يسبب الإحباط. ويرجع السبب في ذلك غالبًا إلى الوقوع في سلسلة من الأخطاء الشائعة التي تعرقل تحقيق هدف الرشاقة دون وعي منهم.
تشير أخصائية التغذية العلاجية هدى مدحت إلى أن فقدان الوزن ليس مجرد عملية حسابية للسعرات الحرارية بل هو تغيير شامل في نمط الحياة يعتمد على أسس متكاملة تشمل التغذية الصحية والنشاط البدني والنوم الكافي والاستقرار النفسي. وأوضحت أن العديد من العادات الخاطئة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تضلل الساعين لإنقاص الوزن وتجعل مهمتهم أكثر صعوبة.
من أبرز هذه الأخطاء الاعتقاد الخاطئ بأن المنتجات المصنفة على أنها قليلة الدسم أو دايت هي خيار آمن دائمًا. ففي الواقع يتم تعويض نقص الدهون في هذه المنتجات بإضافة كميات كبيرة من السكريات والمواد المصنعة لتحسين الطعم وهو ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم وتحفيز الجسم لتخزين المزيد من الدهون. لذلك يكون الاعتماد على الأطعمة الطبيعية الكاملة أفضل من المنتجات المعالجة.
يقع الكثيرون أيضًا في فخ استبدال الفاكهة الكاملة بالعصائر حتى لو كانت طازجة. فعند عصر الفاكهة يتم التخلص من الألياف الغذائية الهامة التي تمنح الشعور بالشبع وتنظم الهضم ويتبقى السكر المركز فقط. هذا الأمر يجعل شرب العصائر وسيلة للحصول على سعرات حرارية عالية دون فائدة غذائية تذكر مما يعيق عملية نزول الوزن.
وتعد وجبة الإفطار حجر الزاوية في أي نظام غذائي صحي لكن البعض يهملها ظنًا منه أنها طريقة لتقليل السعرات اليومية. أثبتت الدراسات أن تخطي هذه الوجبة الأساسية يسبب خللًا في مستويات الطاقة على مدار اليوم ويزيد من نوبات الجوع الشديد والرغبة في تناول أطعمة غير صحية ودسمة في وقت لاحق. الإفطار المتوازن ينشط عملية الأيض منذ الصباح ويساعد على التحكم في الشهية.
كما أن التركيز على تقليل الدهون والنشويات قد يدفع البعض إلى إهمال عنصر البروتين وهو خطأ فادح. يلعب البروتين دورًا حيويًا في بناء الكتلة العضلية والحفاظ عليها والشعور بالشبع لفترات طويلة. نقص البروتين يؤدي إلى فقدان العضلات بدلًا من الدهون وهو ما يبطئ معدل الحرق في الجسم ويجعل فقدان الوزن أكثر صعوبة. لذلك يجب الحرص على إدراج مصادر بروتين صحية في كل وجبة.
ويعتبر الحرمان الشديد من الأطعمة المحبوبة استراتيجية فاشلة على المدى الطويل. فبينما قد تحقق نتائج سريعة في البداية إلا أنها تؤدي إلى الشعور بالملل وفقدان الدافع وتنتهي غالبًا بنوبات من الأكل العاطفي والشراهة. كما أن تقييد السعرات بشكل مبالغ فيه يدفع الجسم إلى الدخول في وضع توفير الطاقة فيبدأ بتقليل معدل حرقه مما يؤدي إلى ثبات الوزن.
في السياق ذاته تنتشر وصفات ما يسمى بعصائر الديتوكس كحل سحري وسريع لفقدان الوزن. لكن الاعتماد عليها كنظام غذائي أساسي يؤدي فقط إلى خسارة مؤقتة للسوائل والعضلات وليس للدهون الحقيقية كما يتسبب في نقص حاد بالعناصر الغذائية الأساسية مما يؤدي إلى الشعور بالضعف والإرهاق.
يؤثر النوم غير الكافي أو غير المنتظم بشكل مباشر على عملية فقدان الوزن. يؤدي السهر لساعات طويلة إلى اضطراب في هرمونات الجوع مثل الجريلين واللبتين مما يزيد من الرغبة الشديدة في تناول السكريات والأطعمة عالية السعرات. الحصول على قسط كاف من النوم يتراوح بين 7 إلى 8 ساعات يوميًا يعد جزءًا لا يتجزأ من نجاح أي خطة غذائية.
ولا يمكن إغفال أهمية شرب كميات كافية من الماء. فالماء ضروري لجميع العمليات الحيوية بما في ذلك حرق الدهون وكثيرًا ما يخلط الجسم بين الشعور بالعطش والجوع. قلة شرب الماء تبطئ عملية التمثيل الغذائي وتزيد من الشهية لذا ينصح بشرب ما لا يقل عن لترين إلى ثلاثة لترات يوميًا.
يمثل الجانب النفسي عاملًا خفيًا ولكنه قوي في رحلة إنقاص الوزن. فالضغط العصبي والتوتر المستمر يرفعان من مستوى هرمون الكورتيزول الذي يشجع الجسم على تخزين الدهون خصوصًا في منطقة البطن. إن تجاهل الصحة النفسية والتركيز على الطعام والرياضة فقط يجعل الخطة غير مكتملة.
يعد الانشغال بقياس الوزن بشكل يومي من العادات التي تسبب الإحباط وتؤثر سلبًا على الالتزام بالدايت. يتأثر وزن الجسم بعوامل متعددة يوميًا مثل احتباس السوائل والهضم. الأفضل هو الاعتماد على قياس الوزن مرة واحدة أسبوعيًا مع التركيز على مؤشرات أخرى للتقدم مثل مقاسات الملابس ومستويات الطاقة.
وأخيرًا يجب الحذر من الثقة العمياء بالوصفات السحرية التي تعد بفقدان سريع للوزن. غالبًا ما تكون هذه الطرق غير مبنية على أساس علمي وقد تلحق الضرر بالصحة على المدى الطويل. إن فقدان الوزن الصحي والمستدام يتطلب خطة متوازنة وشخصية وصبرًا واستمرارية.