يتجاوز مرض النقرس كونه مجرد نتيجة للإفراط في تناول اللحوم والبقوليات كما هو شائع بين الناس إذ يعتبر من الأمراض المنتشرة عالميا وتتداخل في مسبباته مجموعة واسعة من العوامل المعقدة التي تشمل النمط الغذائي والوزن والحالات الصحية الأخرى والوراثة مما يرفع من خطر الإصابة به.
تلعب العوامل البيولوجية والوراثية دورا حاسما في تحديد احتمالية الإصابة بالنقرس حيث يلاحظ انتشاره بين الرجال بنسبة أكبر مقارنة بالنساء وذلك لأن مستويات حمض اليوريك تكون لدى النساء أقل بشكل طبيعي. لكن هذا الفارق يقل تدريجيا بعد مرحلة انقطاع الطمث حيث تتقارب معدلات إصابة النساء مع الرجال. كما يظهر المرض لدى الرجال عادة في سن مبكرة تتراوح بين الثلاثين والخمسين عاما بينما تتأخر الأعراض لدى النساء لما بعد سن اليأس. ويزداد خطر الإصابة بشكل كبير إذا كان هناك تاريخ عائلي للمرض مما يشير إلى وجود استعداد جيني.
يؤثر نمط الحياة بشكل مباشر على تطور النقرس فالأنظمة الغذائية التي تعتمد بكثرة على اللحوم الحمراء والمأكولات البحرية والمشروبات المحلاة بسكر الفركتوز تساهم في رفع معدلات حمض اليوريك في الجسم. وبالمثل فإن تناول المشروبات الكحولية وخصوصا الجعة يزيد من خطر الإصابة. ولا يقتصر الأمر على الغذاء فقط فزيادة وزن الجسم تؤدي إلى إنتاج كميات أكبر من حمض اليوريك وفي نفس الوقت تجعل من الصعب على الكليتين التخلص منه بكفاءة.
ترتبط العديد من الحالات الطبية والأدوية بزيادة مخاطر النقرس فالأمراض المزمنة مثل داء السكري والسمنة وأمراض القلب والكلى وارتفاع ضغط الدم غير المسيطر عليه ومتلازمة التمثيل الغذائي كلها تزيد من احتمالية حدوث نوبات النقرس. كما أن بعض الأدوية قد ترفع مستويات حمض اليوريك مثل الجرعات المنخفضة من الأسبرين وبعض علاجات ارتفاع ضغط الدم كالمدرات الثيازيدية ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات بيتا. وينطبق الأمر نفسه على العقاقير التي يتناولها المرضى بعد عمليات زراعة الأعضاء لمنع الجسم من رفض العضو الجديد.
يمكن أن تكون الأحداث الجسدية الطارئة محفزا لظهور نوبات النقرس فالتعرض لإصابة حديثة أو الخضوع لعملية جراحية قد يؤدي إلى تفاقم الحالة. وفي بعض الحالات النادرة لوحظ أن الحصول على التطعيمات قد يتسبب في إثارة نوبة نقرس لدى بعض الأشخاص المعرضين للإصابة.
