
تكتسب القهوة اهتماما متزايدا في الأوساط البحثية ليس فقط لكونها المشروب المنبه الأكثر شعبية عالميا بل لدورها المحتمل في التأثير على الصحة النفسية حيث تشير دراسات حديثة إلى وجود صلة بين استهلاكها المنتظم وتخفيف حدة أعراض الاكتئاب الذي يعد من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعا ويصيب الملايين حول العالم.
على الرغم من الفوائد المحتملة فإن استهلاك القهوة يتطلب وعيا وحذرا فالإفراط في تناولها قد يقود إلى نتائج عكسية تماما وتوصي الهيئات الصحية عموما بألا يتجاوز الاستهلاك اليومي 400 ملليجرام من الكافيين أي ما يعادل أربعة أكواب تقريبا وتجاوز هذه الكمية قد يسبب آثارا جانبية مزعجة مثل الأرق وتسارع ضربات القلب وزيادة مستويات القلق وقد يصل الأمر في الحالات الشديدة إلى ما يعرف بالتسمم بالقهوة وهو حالة معترف بها في الأوساط الطبية النفسية.
كما أن الاعتماد على الكافيين يمكن أن يخلق نوعا من الإدمان الجسدي وعند التوقف المفاجئ عن شرب القهوة قد يعاني الشخص من أعراض انسحابية تشمل الصداع الشديد والشعور بالتعب وقلة التركيز الذهني وهذه الأعراض بدورها قد تبطل أي فوائد مرجوة من القهوة في المساعدة على محاربة الاكتئاب.
يعاني المصابون بالاكتئاب من أعراض متنوعة قد تشمل فقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة وصعوبة في التركيز ونقصا في الطاقة وقد دفعت الخصائص المنشطة للكافيين الموجود في القهوة الباحثين لاستكشاف تأثيره الإيجابي على هذه الأعراض تحديدا وبالفعل كشفت إحدى الدراسات عن وجود علاقة بين زيادة استهلاك القهوة وتراجع شدة أعراض الاكتئاب كما أكدت دراسة أخرى أجريت على البالغين في منتصف العمر نتائج مشابهة مما يعزز فرضية أن القهوة قد تكون عاملا مساعدا للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب.
توجد محاذير خاصة يجب على فئات معينة الانتباه إليها عند تناول القهوة فالأشخاص الذين يتناولون أدوية لأمراض الغدة الدرقية أو بعض الأدوية النفسية يجب عليهم استشارة الطبيب لتجنب التفاعلات السلبية وبالنسبة لمرضى السكري قد يؤدي الاستهلاك المفرط للقهوة إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم أما النساء بعد سن انقطاع الطمث فإن شرب أكثر من ثلاثة أكواب يوميا قد يزيد من خطر فقدان كثافة العظام في العمود الفقري كما ينصح المصابون بارتجاع المريء أو ارتفاع الكوليسترول بتوخي الحذر.
لا تقتصر الفوائد الصحية المحتملة للقهوة على الصحة النفسية فقط بل تمتد لتشمل جوانب أخرى متعددة فالأبحاث العلمية تربط بين استهلاكها المنتظم وتقليل خطر الإصابة بأنواع من السرطان والسكتات الدماغية فضلا عن خفض احتمالية الإصابة بالخرف ومرض باركنسون كما يعتقد أن المركبات الواقية الموجودة في حبوب البن إلى جانب تأثيرات الكافيين تساهم في تحسين القدرات المعرفية وتقليل خطر الإصابة بمرض الزهايمر.
إلى جانب تناول القهوة يمكن لبعض التعديلات البسيطة في نمط الحياة أن تساهم بشكل فعال في تخفيف أعراض الاكتئاب وتحسين المزاج العام فعلى سبيل المثال يفضل تأجيل شرب فنجان القهوة الأول لمدة ساعة على الأقل بعد الاستيقاظ لإتاحة الفرصة للجسم لإنتاج هرمون الكورتيزول بشكل طبيعي كما أن استبدال المشروبات المحلاة بالسكر بالقهوة غير المحلاة يمكن أن يحسن الحالة المزاجية بشكل ملحوظ ولا يمكن إغفال دور ممارسة الرياضة بانتظام حيث يعزز النشاط البدني من إفراز هرموني السيروتونين والإندورفين اللذين يعرفان بدورهما في رفع المعنويات وتقليل حدة أعراض الاكتئاب.