
يُصنف فيروس الهربس البسيط كأحد أكثر أنواع العدوى الفيروسية انتشارًا على مستوى العالم وهو ليس مجرد طفح جلدي عابر بل حالة مرضية مزمنة لا يوجد لها علاج شافٍ حتى اليوم. تكمن خطورة هذه العدوى في قدرتها على الانتشار الواسع وتسببها في ظهور بثور وتقرحات مؤلمة على الجلد والأغشية المخاطية في مناطق حساسة من الجسم أبرزها الفم والأعضاء التناسلية.
تظهر الأعراض الأولية للعدوى عادة بعد فترة تتراوح بين يومين وعشرين يومًا من التعرض للفيروس حيث يشعر المصاب في البداية بوخز أو حكة أو إحساس بالحرق في المنطقة المصابة قبل أن تبدأ البثور بالظهور. تتشكل هذه البثور الصغيرة على سطح الجلد ثم تنفجر ويتسرب منها سائل شفاف لتكون بعدها قشرة جافة تبدأ بالشفاء تدريجيًا. وقد يصاحب التفشي الأول للمرض أعراض عامة تشبه أعراض الإنفلونزا مثل الحمى والصداع وآلام الجسم بالإضافة إلى تورم الغدد الليمفاوية القريبة.
ينقسم الفيروس المسبب للمرض إلى نوعين رئيسيين هما فيروس الهربس البسيط من النوع الأول HSV-1 وفيروس الهربس البسيط من النوع الثاني HSV-2. على الرغم من أن النوع الأول هو المسؤول غالبًا عن الهربس الفموي والنوع الثاني عن الهربس التناسلي إلا أن كلا النوعين يمكن أن يصيب أيًا من المنطقتين.
يُعرف الهربس الفموي بين الناس باسم قروح البرد وهو غالبًا ما ينتج عن الإصابة بالنوع الأول من الفيروس وتحدث معظم حالات العدوى به خلال مرحلة الطفولة أو في بداية مرحلة الشباب عن طريق ملامسة لعاب شخص مصاب. تظهر أعراضه على شكل بثور صغيرة ومؤلمة حول منطقة الفم أو على الشفتين وفي بعض الحالات قد تمتد لتشمل أجزاء أخرى من الوجه أو اللسان.
أما الهربس التناسلي فيعتبر من أكثر الأمراض المنقولة جنسيًا شيوعًا وعادة ما يكون سببه فيروس الهربس من النوع الثاني الذي ينتقل عبر الاتصال الحميم مع شخص مصاب. الجدير بالذكر أن بعض المصابين قد لا تظهر عليهم أي أعراض على الإطلاق أو تكون أعراضهم خفيفة جدًا وعندما تظهر فإنها تكون على هيئة قرحة واحدة أو أكثر حول الأعضاء التناسلية أو منطقة الشرج أو على الأرداف والفخذين وقد يصاحبها ألم عند التبول أو إفرازات غير طبيعية.
من طبيعة عدوى الهربس أنها قد تعاود الظهور على شكل نوبات متكررة لكن النوبة الأولى للمرض تكون هي الأشد عادةً وتستمر لفترة قد تصل إلى ستة أسابيع. أما النوبات اللاحقة فتكون أقل حدة وأقصر مدة كما أن عدد مرات تكرارها يميل إلى التناقص مع مرور الوقت.
لا يتوفر حاليًا علاج شافٍ يمكنه القضاء على فيروس الهربس من الجسم بشكل نهائي لكن تتوفر أدوية مضادة للفيروسات تساهم بفعالية في السيطرة على الأعراض وتقليل شدة النوبات وتقصير مدتها بيوم أو يومين. قد يصف الطبيب هذه الأدوية للاستخدام المنتظم في حال كانت النوبات متكررة. يمكن أيضًا اللجوء إلى مسكنات الألم التي لا تحتاج لوصفة طبية واستخدام بعض الكريمات والمراهم الموضعية لتخفيف الألم والحكة. وينصح باتباع بعض إجراءات الرعاية الذاتية مثل ارتداء ملابس فضفاضة والجلوس في حمامات دافئة واستخدام مراهم تحتوي على مادة الليدوكائين لتخفيف الألم.