أنيميا البحر المتوسط: كيف تتحول إلى خطر يهدد حياتك وما هي أسبابها

أنيميا البحر المتوسط: كيف تتحول إلى خطر يهدد حياتك وما هي أسبابها
أنيميا البحر المتوسط: كيف تتحول إلى خطر يهدد حياتك وما هي أسبابها

تعد أنيميا البحر المتوسط المعروفة طبيًا باسم الثلاسيميا اضطرابًا دمويًا وراثيًا مزمنًا يؤثر على قدرة الجسم على إنتاج الهيموجلوبين وهو البروتين الأساسي في كريات الدم الحمراء المسؤول عن نقل الأكسجين وتظهر أعراض هذا المرض عادة في مراحل مبكرة من الطفولة وتستمر مع المصاب مدى الحياة وتنتشر بشكل خاص في مناطق حوض البحر المتوسط والشرق الأوسط وجنوب آسيا.

تتنوع أعراض الثلاسيميا بشكل كبير وتعتمد على شدة الحالة سواء كانت خفيفة أو متوسطة أو حادة وتشمل العلامات الشائعة شحوب البشرة والشعور بالإرهاق والضعف العام وضيق التنفس مع خفقان في القلب كما يعاني المصابون من الدوخة والصداع المتكرر وضعف الشهية وقد يلاحظ تأخر النمو عند الأطفال بالإضافة إلى اصفرار الجلد والعينين المعروف باليرقان وفي الحالات المتقدمة قد يحدث تضخم في الطحال أو الكبد وتشوهات في عظام الوجه والجمجمة نتيجة لهشاشة العظام.

يعود السبب الرئيسي للإصابة بأنيميا البحر المتوسط إلى عوامل وراثية بحتة حيث ينتقل المرض عبر الجينات من الآباء إلى الأبناء ويحدث الخلل تحديدًا في إنتاج سلاسل بروتينية تسمى ألفا وبيتا والتي تشكل الهيموجلوبين هذا النقص أو الخلل في تكوين السلاسل يؤدي إلى إنتاج كريات دم حمراء غير طبيعية تتكسر مبكرًا مما يسبب فقر الدم المزمن إذا كان أحد الوالدين حاملًا للجين المعيب يمكن أن يولد الطفل حاملًا للمرض أو مصابًا به بينما تزيد فرص ولادة طفل مصاب بشكل كبير إذا كان كلا الوالدين حاملين للجين.

توقيت ظهور أعراض المرض يرتبط ارتباطًا وثيقًا بدرجة الإصابة ففي الحالات البسيطة قد لا تظهر أي علامات على الشخص وقد يكتشف إصابته بالصدفة عند إجراء تحليل دم روتيني أما في الحالات المتوسطة فإن الأعراض تبدأ بالظهور عادة بين عمر سنتين وست سنوات بينما تكون الحالات الشديدة أكثر وضوحًا وتظهر علاماتها خلال السنة الأولى من عمر الطفل حيث يعاني من شحوب حاد وتأخر ملحوظ في النمو.

في حال إهمال علاج أنيميا البحر المتوسط أو عدم متابعته بشكل منتظم فإن المريض يتعرض لمخاطر ومضاعفات صحية خطيرة قد تشمل فقر دم شديد يتطلب نقل دم متكرر مما يؤدي بدوره إلى مشكلة أخرى وهي تراكم الحديد في الجسم هذا التراكم يؤثر سلبًا على أعضاء حيوية مثل القلب والكبد والغدد الصماء وقد يسبب فشل القلب أو اضطراب النبض كما تشمل المخاطر الأخرى تضخم الطحال والكبد وهشاشة العظام وزيادة خطر الكسور بالإضافة إلى تأخر النمو والبلوغ لدى الأطفال والمراهقين.

على الرغم من عدم وجود علاج نهائي يقضي على المرض بشكل كامل إلا أن الخطط العلاجية المتاحة تهدف إلى تمكين المريض من التعايش مع حالته وتجنب المضاعفات الخطيرة وتتضمن هذه الخيارات نقل الدم المنتظم لتعويض النقص في كريات الدم الحمراء واستخدام أدوية خاصة تعرف بمخلبات الحديد للتخلص من الحديد الزائد في الجسم وفي الحالات الشديدة قد يكون زرع نخاع العظم أو الخلايا الجذعية حلًا جذريًا كما ظهرت أدوية حديثة تعمل على تعديل الجينات لتحسين إنتاج الهيموجلوبين وينصح الأطباء بتناول مكملات غذائية مثل حمض الفوليك لدعم عملية تكوين الدم.

تبقى الوقاية هي الخطوة الأهم للحد من انتشار الثلاسيميا في الأجيال الجديدة وتتركز طرق الوقاية على إجراء الفحص الطبي قبل الزواج للتأكد من عدم حمل كلا الطرفين للجين المسبب للمرض ويمكن أيضًا إجراء التشخيص المبكر أثناء الحمل من خلال الفحوصات الجينية للجنين وتلعب حملات التوعية الصحية دورًا محوريًا في تعريف المجتمعات الأكثر عرضة بالمرض وسبل الوقاية منه كما ينصح المرضى الذين يعانون من تراكم الحديد باتباع نظام غذائي سليم يتجنب الأطعمة الغنية بالحديد.