
تشير تقارير علمية إلى أن ضغوط الحياة الحديثة وتدفق التنبيهات المستمر من أجهزة الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي أصبح يضع أدمغتنا تحت ضغط هائل ويزيد مستويات التوتر. وبحسب منصة ساينس أليرت المتخصصة، فإن البقاء الدائم في حالة استجابة للمحفزات الرقمية يدفعنا للبحث المتواصل عن متعة جديدة، ما يؤدي إلى استنزاف طاقات المخ وحرمانه من راحة ضرورية لصحة الإنسان النفسية والمعرفية.
يحذر الخبراء من أن العقل لا يحتاج دائماً إلى مضاعفة التركيز، بل هو بحاجة إلى فترات من الاسترخاء والتشتت الواعي، حيث يُسمح للعقل بالتجول والتفكير دون وضع هدف واضح. هذه اللحظات من الشرود، بحسب الدراسات، تلعب دوراً في تقليل التوتر وتعزيز القدرات الذهنية والإبداعية لدى الإنسان.
وقد ربطت نظرية استعادة الانتباه، التي قدمتها عالما النفس راشيل وستيفن كابلان في عام 1989، بين قوة الطبيعة في إعادة شحن طاقات المخ وبين الحاجة للابتعاد عن التحفيز المستمر. النظرية تميز بين نوعين من الانتباه: الانتباه الموجه، الذي يحتاج إلى جهد وتركيز واستنفاد طاقة الذهن، كالدراسة أو متابعة الأخبار، والانتباه غير الموجه الذي يحدث عندما نسمح للعقل بأن يتبع البيئة من حولنا دون جهد أو وعي، مثل الاستماع لأصوات الطيور أو مراقبة الأشجار.
غياب الفرص لمثل هذا الانتباه غير المجهد قد يؤدي وفق الأبحاث إلى حالة إرهاق الانتباه، ما يسهم في صعوبة التركيز وزيادة استجابتنا للمشتتات من حولنا. ومع التحول في نمط الحياة الرقمي، تراجعت تلك اللحظات القصيرة التي كان يحصل فيها الإنسان سابقاً على راحة ذهنية طبيعية أثناء الانتظار في محطة نقل أو الوقوف بالطوابير.
أثرت التكنولوجيا الذكية في روتيننا اليومي، حيث تقلصت فترات الصمت والملل لصالح الترفيه المستمر، ما زاد من تعرض الدماغ لمحفزات عديدة بشكل متواصل. وتلفت نظرية استعادة الانتباه الانتباه إلى أهمية منح المخ فترات من الراحة والانفصال عن مصادر الترفيه الرقمية، من أجل توفير البيئة المناسبة لإعادة الشحن الذهني وتحسين التركيز والأداء العقلي.