
تشير نتائج دراسة أمريكية حديثة إلى أن تعرض الأمهات والآباء لبعض المواد الكيماوية في أماكن العمل قبل الحمل وأثناءه يرتبط بزيادة فرصة إصابة الأطفال باضطراب التوحد، ويساهم في ظهور مشكلات سلوكية متنوعة لديهم. واعتمدت الدراسة على تحليل التاريخ الوظيفي للأبوين خلال الأشهر التي سبقت الحمل وفترة الحمل نفسها، وقياس معدل تعرضهم لحوالي 16 مادة كيماوية تدخل في تصنيع البلاستيكات والبوليمارات والمطهرات وعدد من المستحضرات الطبية والمنتجات الصناعية مثل سوائل السيارات.
من الناحية العلمية يعرف التوحد بأنه اضطراب عصبي يصعب على المصاب به التفاعل الاجتماعي والتواصل، وتظهر أعراضه في صورة تكرار بعض التصرفات أو السلوكيات، كما تختلف شدة الأعراض من طفل إلى آخر. وأظهرت نتائج الدراسة أن التأثير السلبي لبعض المواد، مثل البلاستيكات والبوليمارات، يرتبط بانخفاض المهارات الإدراكية وضعف القدرة على التكيف، إضافة إلى صعوبات سلوكية أبرزها العزلة وكثرة الحركة.
كما كشفت الدراسة عن أن تعرض الوالدين لمركب أوكسيد الإثيلين، وهو عامل تعقيم كيماوي شائع في عدد من الصناعات، يؤدي إلى تفاقم علامات التوحد وتراجع في المهارات الحياتية الأساسية لدى الطفل. وبيّنت النتائج أيضًا أن التعرض لمادة الفينول يفاقم من أعراض التوحد، من بينها زيادة تكرار الحركات وفرط النشاط وبعض الاضطرابات السلوكية.
ولتقييم آثار هذه المواد، راجع الباحثون حالات عدة أطفال شُخّصوا بالتوحد معتمدين على معايير علمية دقيقة ترصد القدرات السلوكية والإدراكية ونمط السلوك اليومي. ووفق تصريح رئيسة فريق البحث إيرين ماكنليس من جامعة كاليفورنيا ديفيس، فإن الدراسة تؤكد على ضرورة الانتباه لمصادر التعرض للمواد الكيماوية في بيئة العمل بالنسبة لكلا الوالدين عند دراسة أسباب التوحد.
وأوصى أعضاء فريق العمل عبر موقع ميديكال إكسبريس المتخصص بضرورة الاستمرار في دراسات تعنى بالصحة الإنجابية وتطور الجهاز العصبي للأطفال، وأن تشمل الأبحاث الآباء إلى جانب الأمهات، خاصة في ضوء ما تبين من وجود ارتباط بين التعرض لهذه المواد الكيماوية وزيادة احتمال إصابة الأبناء بالتوحد وحدة أعراض المرض.