
تشهد منطقة الباحة اهتماماً متزايداً بزراعة العنب، إذ بلغت المساحات المزروعة بالعنب 51 هكتار تقريباً ويصل الإنتاج السنوي إلى 772 طن من أفضل الأصناف. هذه المحاصيل تحظى بعناية من المزارعين المحليين وتعد من المنتجات الأساسية في المنطقة، ما أتاح للقطاع الزراعي بالباحة تحقيق تنوع في الإنتاج ودعم أسواق المملكة بمنتج تنافسي عالي الجودة، مساهماً بذلك في الأمن الغذائي الوطني ورفع القيمة الاقتصادية للقطاع الزراعي المحلي.
وضمن الجهود نحو تطوير زراعة العنب، يجري حالياً تنفيذ مشروع مدينة العنب في محافظة بلجرشي، حيث يجري العمل على إنشائها على مساحة تصل إلى 790 ألف متر مربع. يضم المشروع مرافق متخصصة متطورة لفرز وتعبئة وتغليف وتبريد وتسويق العنب، ما سيساعد على تعزيز الجودة وتوسيع نطاق وصول المنتجين مباشرة إلى المستهلكين عبر قنوات بيع منظمة.
وتواصل وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة الباحة دعم مزارعي العنب من خلال برامج حكومية متنوعة، فقد استفاد المنتجون من برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة ريف، الذي يقدم دعمين مالي وفني لتحسين كفاءة الإنتاج. كما أن عدداً من المزارعين حصلوا على شهادات الزراعة العضوية ضمن برنامج الزراعة العضوية، وتبنت مزارع أساليب إنتاج صديقة للبيئة ساهمت في جودة المنتج.
من جهة أخرى لعب مشروع تأهيل المدرجات الزراعية دوراً محورياً في توفير مزيد من المساحات المناسبة لزراعة العنب وغيرها من المحاصيل، وقد أدى ذلك إلى استعادة كفاءة المدرجات القديمة وجعلها أكثر قدرة على حصاد مياه الأمطار وتقليل التعرية، مما دعم استدامة الإنتاج الزراعي في الباحة.
وتعمل الوزارة باستمرار على التوسع في زراعة أصناف العنب الملائمة للباحة، كما تروج لاستخدام أنظمة الري الحديثة، وتنفذ برامج إرشادية وحقول تجريبية وأنشطة تدريبية لتعزيز خبرات المزارعين المحليين، سعياً وراء تحقيق أهداف المملكة في التنمية الريفية المستدامة ضمن رؤية المملكة 2030 وزيادة القيمة المضافة للمنتجات الوطنية.
ويؤكد مزارعو الباحة تمسكهم بالتقاليد الزراعية التي انتقلت عبر الأجيال، إذ يشير علي الزهراني إلى استمرار ممارسة طرق العناية بالعنب مثل عملية التحبيس في مايو، وهي قص الفروع المليئة بالأوراق حتى تنضج الثمار جيداً بين يوليو وأغسطس. ويشرح فيصل بن مداوس الغامدي، وهو صاحب أكبر مزرعة أعناب بالمنطقة، أن زراعة العنب تبدأ بغرس غصن من الشجرة مباشرة في الأرض وإمداده بالسماد والري إلى حين نمو الشجرة الجديدة، وغالباً ما تكون النتيجة شجرتين من الغصن الواحد.
ويمتاز الكرْم بقدرة أغصانه على الامتداد الأفقي لمسافة تفوق عشرة أمتار، حيث ترفع عن الأرض بواسطة ركائز خشبية أو بلاستيكية أو معدنية وفق الطرق الحديثة، ما يمنح المزارع شكلاً مرتباً وجذاباً. وتبرز أهمية شجرة العنب كعنصر رئيس في بساتين المنطقة، حيث تدعم التنوع الزراعي وتحافظ على الطابع الثقافي والبيئي، وتعد رافداً أساسياً لاقتصاد الباحة وأسواق المملكة إضافة لمكانتها الغذائية المميزة.