
أكدت الدكتورة مروة كمال أخصائية التغذية العلاجية أن العديد من محاولات إنقاص الوزن تبوء بالفشل بسبب الاعتماد على أنظمة غذائية قاسية وغير واقعية تقوم على الحرمان الكامل من الأطعمة المفضلة أو خفض السعرات الحرارية بصورة حادة مما يجعل الاستمرار عليها أمرا صعبا ويؤدي غالبا إلى اكتساب الوزن مجددا. ولهذا السبب برزت أهمية اتباع نهج متوازن يهدف إلى خسارة الوزن بشكل تدريجي ومستدام مع الحفاظ على متعة الطعام وتأمين كافة احتياجات الجسم الغذائية.
يكمن سر النجاح في تحقيق الوزن المثالي والحفاظ عليه في مبدأ الاعتدال والالتزام بمنح النفس فرصة الاستمتاع بالطعام ولكن بطريقة مدروسة. فالنظام الصحي الفعال لا يركز على حذف مجموعات غذائية بأكملها بل يسعى إلى إعادة تنظيم مواعيد الوجبات وكمياتها وأنواعها ليتناسب مع احتياجات الجسم وأسلوب الحياة. إن المبدأ الأساسي لفقدان الوزن هو أن يستهلك الجسم سعرات حرارية أقل مما يحرقه لكن يجب أن يتم ذلك بشكل علمي لا يضر بالصحة الجسدية أو الحالة النفسية.
إن النشاط البدني يعد ركنا أساسيا لا يكتمل أي نظام صحي بدونه فهو لا يساعد فقط على حرق السعرات الحرارية بل يعزز أيضا الصحة النفسية ويقلل من مستويات التوتر. ولا يتطلب الأمر بالضرورة ممارسة تمارين رياضية عنيفة في الصالات الرياضية إذ يمكن تحقيق نتائج ممتازة عبر أنشطة بسيطة مثل المشي السريع لنصف ساعة يوميا أو ممارسة تمارين المقاومة واليوجا في المنزل.
من أهم أسباب فشل الحميات الغذائية التقليدية هو إغفال الجانب النفسي حيث يخلق الحرمان شعورا بالضغط والتوتر يؤدي في النهاية إلى الإفراط في تناول الطعام كرد فعل عكسي. أما النظام المتوازن فيشجع على بناء علاقة إيجابية مع الأكل من خلال ممارسة الأكل الواعي الذي يعني تناول الطعام ببطء والتركيز على مذاقه ورائحته وملمسه مما يساعد على الشعور بالشبع بشكل أسرع وبكميات أقل.
لتحقيق التوازن يجب أن تشتمل الوجبات على نسب متوازنة من البروتينات والكربوهيدرات الصحية والدهون الجيدة. فالبروتين يعزز بناء العضلات ويزيد من الإحساس بالامتلاء وتوفر الكربوهيدرات المعقدة الطاقة اللازمة للجسم بشكل مستدام في حين تدعم الدهون الصحية وظائف الدماغ والقلب. كما تعد الخضراوات والفواكه عنصرا لا غنى عنه لغناها بالألياف التي تمنح شعورا بالشبع لفترات طويلة بالإضافة إلى الفيتامينات والمعادن الضرورية لتقوية المناعة.
بدلا من حرمان النفس تماما من الأطعمة المحببة يمكن التحكم في الكميات المتناولة. على سبيل المثال تناول قطعة صغيرة من الشوكولاتة الداكنة لإشباع الرغبة في تناول الحلوى هو خيار أفضل بكثير من تناول كميات كبيرة من الحلويات المليئة بالسعرات الفارغة. كما أن تنظيم الوجبات بتناول ثلاث وجبات رئيسية ووجبتين خفيفتين صحيتين يمنع الوصول إلى مرحلة الجوع الشديد الذي يدفع إلى الإفراط في الأكل.
يمكن أن يبدأ اليوم بوجبة إفطار مغذية مثل الشوفان مع الحليب قليل الدسم وقطع الفاكهة والمكسرات تليها وجبة خفيفة كحبة فاكهة مع كوب من الزبادي. أما وجبة الغداء فيمكن أن تتكون من صدر دجاج مشوي مع أرز بني وخضروات مطهية على البخار. وفي فترة ما بعد الظهيرة يمكن تناول حفنة من المكسرات غير المملحة كوجبة خفيفة أخرى. بينما تكون وجبة العشاء خفيفة ومغذية كسلطة كبيرة تحتوي على بروتين خفيف مثل التونة أو البيض المسلوق.
هناك نصائح أساسية تساهم في إنجاح هذا النظام وتحويله إلى أسلوب حياة دائم منها استبدال المشروبات الغازية والعصائر المحلاة بالماء أو الأعشاب الطبيعية. واختيار طرق الطهي الصحية كالشوي والسلق والبخار بدلا من القلي. والحصول على قسط كاف من النوم لا يقل عن سبع ساعات يوميا لتنظيم الهرمونات المسؤولة عن الجوع. كما يمكن تخصيص وجبة مفتوحة أسبوعيا لتناول طعام مفضل بكمية معقولة للحفاظ على المرونة النفسية.
إن الفوائد طويلة المدى لهذا النهج تتجاوز مجرد فقدان الوزن فهو يساهم في تحسين الصحة العامة بشكل ملحوظ حيث يعمل على خفض مستويات الكوليسترول الضار ويقلل من خطر الإصابة بأمراض مثل السكري من النوع الثاني. كما أنه يحسن من وظائف الجهاز الهضمي بفضل محتواه العالي من الألياف ويحافظ على نضارة البشرة وصحة الشعر. والأهم من ذلك أن فقدان الوزن التدريجي يقلل من احتمالية استعادة الكيلوجرامات المفقودة ويجعل الجسم أكثر استقرارا.